[معجزة عيسى عليه السلام في حديثه لقومه وهو في المهد]
{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ}[مريم:٢٧] فقابلها القوم بهذه التهم التي نزلت كالسياط: يا مريم ما هذا؟ {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ}[مريم:٢٧ - ٢٨]، في العبادة (يَا أُخْتَ هَارُونَ) في الزهد والورع، (يَا أُخْتَ هَارُونَ) في التقى والتبتل والتضرع، ما هذا؟! لقد جئت شيئاً عظيماً منكراً، ما هذه الجرأة؟! ما هذه البجاحة؟! تحملين من الزنا، وتحملين الولد لتقابلينا به مرة أخرى بهذه الجرأة والسفور، (لقد جئت شيئاً فرياً)؛ كيف سمحت لنفسك بهذه الجريمة الشنعاء؟! {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}[مريم:٢٨].
أعباد المسيح لنا سؤال نريد جوابه ممن وعاه إذا مات الإله بصنع قوم أماتوه فهل هذا إله ويا عجباً لقبر ضم رباً وأعجب منه بطن قد حواه أقام هناك تسعاً من شهور لدى الظلمات من حيض غذاه وشق الفرج مولود صغيراً ضعيفاً فاغراً للثدي فاه ويأكل ثم يشرب ثم يأتي بلازم ذاك هل هذا إله ويقول القائل: فلو كان رباً كان يمنع نفسه فلا خير في رب نأته المطالب برئت من الأصنام في الأرض كلها وآمنت بالله الذي هو غالب {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي}[مريم:٣٠ - ٣٢] ليست بغياً، ليست زانية، بل هي أمي {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ}[مريم:٣٢ - ٣٣]، فهل هناك إله يولد؟! (وَيَوْمَ أَمُوتُ) فهل هناك إله يموت؟! {وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ}[مريم:٣٣ - ٣٤]، قال تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران:٥٩]، بل إن خلق آدم أعجز من خلق عيسى؛ لأن عيسى خلق من أم، أما آدم فخلق من غير أب ومن غير أم، فخلق آدم أعجز:(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).