دروس غالية يجب أن نقف أمامها طويلاً، فإن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حافلة بالدروس، وهذا هو عنصرنا الثاني: سيرة حافلة بالدروس والعبر، لكننا بكل أسف أصبحنا نتعامل -إلا من رحم الله- مع سيرة النبي لمجرد الثقافة الذهنية، أو لمجرد الاستمتاع والدراسة النظرية، وكأن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت وفقط!! فوالله ما أرسل الله نبيه! وما جعل الله حياة نبيه وسيرته وسنته ماضياً فحسب، بل يجب أن تكون سيرته شعلة توقد شموس الحياة، ودماءً تتدفق في عروق مستقبلنا وأهلنا.
سيرة النبي سيرة حافلة، وهذه السيرة ليست للدراسة النظرية، بل لنحولها في حياتنا إلى واقع حياة، وإلى منهج عملي يتألق سمواً وروعة وجلالاً على قدر سمو وروعة وجلال سيرة الحبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فلنتعلم هذا الرفق، وهذه الرحمة، وهذه الأخلاق، وصدق ربي إذ يقول:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:٣٤ - ٣٥] وصدق المصطفى إذ يقول -كما في الصحيحين-: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) فتعلموا هذا يا شباب! وفي لفظ مسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه) وفي صحيح مسلم من حديث عائشة (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه).