[شهادة التاريخ للإسلام بأنه منهج حياة]
نحن لا نقول ذلك من باب العاطفة، وإنما نقول ذلك من باب الحق؛ لأن منهج الله هو منهج الحق، واقرءوا التاريخ لتتعرفوا على أن منهج الله جل وعلا قد حقق الأمن والأمان، لا للمسلمين الذين حققوا منهج الله، بل لليهود والنصارى الذين عاشوا تحت ظلال منهج الله.
اقرءوا التاريخ: هاهو علي يقف إلى جوار يهودي بعدما سرق اليهودي درع علي، ويقاضي علي اليهوديَّ أمام قاضي المسلمين، -انظر معي- يقف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أمام خصمه، أمام قاض من قضاة المسلمين في ساحة القضاء، ويكني شريح القاضي رحمه الله، أي: ينادي عليه بكنيته ويقول: يا أبا الحسن! وينادي على اليهودي باسمه مجرداً دون تكنيه، فغضب علي، ونظر إلى شريح وقال: إما أن تكني الخصمين معاً، وإما أن تدع تكنيتهما معاً.
! ارفعوا رءوسكم إلى كواكب الجوزاء في عنان السماء، وبينوا للعالم كله إسلامكم.
والله لقد جاء دورك أيها المسلم العملاق الحنون، فقم وضم العالم كله إلى صدرك، وأسمعه خفقات قلبك الذي وحد الله جل وعلا، قم أيها العملاق الحنون، ودثر العالم كله ببردتك ذات العبق المحمدي، واسق الدنيا كأس الفطرة لتحيا بعد ممات، ولتروى بعد ظمأ، ولتهدى بعد ضلال، قم فوالله لقد جاء دورك، قم بالحكمة والرحمة والموعظة الحسنة، وتذكر دائماً أمر الله لحبيبه: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:١٥٩].
فإن الشدة تفسد ولا تصلح، وإن العنف يهدم ولا يبني، فتحركوا بسلاح من الخلق العذب، والحكمة البالغة، والموعظة الحسنة؛ لتحولوا القلوب والأعمال والسلوك، بل ولتحولوا البشرية كلها بمنهج ودين الله كما أراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقف علي إلى جوار اليهودي أمام القاضي، فقال شريح لـ علي رضي الله عنه: ما قضيتك؟ فقال علي: الدرع درعي ولم أبع ولم أهب.
سرق اليهودي درع علي، فنظر شريح إلى اليهودي وقال: ما تقول في كلام علي؟ فقال اليهودي بخبث ودهاء معهودين: الدرع درعي وليس أمير المؤمنين عندي بكاذب.
فنظر شريح بعظمة لـ علي وقال: هل معك من بينه؟ يقول لمن؟ لأمير المؤمنين، لخليفة المسلمين، لحاكم الدولة، والله ما غضب علي، ولا أمر باعتقاله وبسجنه، وقال: تطلب مني أنا البينة والدليل، أما تستحي؟! كلا.
لأنهم ينطلقون من قواعد ثابتة، من كتاب الله ومن سنة حبيبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
نظر علي بمنتهى الغبطة والسعادة إلى قاضيه المسلم العادل إلى شريح رضي الله عنه وأرضاه، وقال: صدقت يا شريح ليس معي من بينة.
فقضى شريح بالدرع لليهودي.
وانطلق أمير المؤمنين رضي الله عنه، وخرج اليهودي ليكلم نفسه، وقال: ما هذا؟! أقف أنا وأمير المؤمنين في ساحة قضاء واحدة، ويحكم القاضي بالدرع لي وهو درعه؛ لأنه لم يقدم البينة، والله إن هذه أخلاق أنبياء، فيرجع اليهودي ليقف أمام علي وأمام شريح، ليقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وينظر علي لليهودي ويقول: أما وقد أسلمت فالدرع مني هدية لك.