وأود أن أذكر هذا الجمع الكريم بين يدي بالحق الذي عليهم لله تبارك وتعالى، فأنتم ترون هذا المسجد المبارك الذي شيده إخواننا -أسأل الله أن يتقبل منا ومنهم صالح العمل- إلا أنه يحتاج إلى إتمام دوره العلوي، فأرجو أن نقف اليوم مع إخواننا وقفة رجل واحد، وألا ينصرف أحد من الإخوة أو من الأخوات إلا وقد ساهم -ولو بالقليل- لإنهاء بيت الله الجليل تبارك وتعالى، وأسأل الله أن يجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ثم أود أن أذكر -وأرجو أن يبلغ الحاضر منكم الغائب- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، إن مصر بلد الخير وبلد العطاء بلا نزاع، ولا نجامل بها ورب الكعبة مخلوقاً، فإني أذكر أن التاريخ قص علينا يوماً لما وقعت المجاعة في مدينة المصطفى وأرسل فاروق الأمة عمر إلى عمرو بن العاص في مصر: أن: أرسل إلينا مدداً من مصر، فقرأ عمرو بن العاص في مسجده رسالة عمر بن الخطاب على أهل مصر: إن إخوانكم من أصحاب النبي في المدينة يذوقون الجوع؛ فيطلبون منكم الغوث والمعونة والنجدة.
فخرج أهل مصر بعطاء لم يعرف التاريخ له مثيلاً على الإطلاق، حتى أرسل عمرو بن العاص رسالة إلى عمر بن الخطاب وقال فيها: يا أمير المؤمنين! لقد أرسلت إليك قافلة من المئونة أولها عندك وآخرها عندي.
فمصر بلد العطاء والجود والخير، وأنا أعلنها لله: إن أهل مصر لم يصابوا بأزمة بخل وإنما أصيبوا بأزمة ثقة، إذ لم يجدوا من يثقون فيه ليسلموا له أموالهم بنفس سخية وبيد معطية منفقة.
أقول: يعيش بيننا في مصر العطاء والخير إخوان لنا وأخوات من ماليزيا وغيرها من بلاد شرق آسيا، وهم مسلمون فقراء، منهم والله من لا يجد الطعام فضلاً عن أجرة بيته، وقد وقف أهل الفضل -في المنصورة بالذات- وقفة ترضي الرب وتذهل اللب، وللأمانة فلقد قام كثير من أهل الخير بالإنفاق بسخاء على هؤلاء الإخوة والأخوات، ولكنهم لا زالوا في حاجة إلى المزيد، فأرجو من المسلمين، وأرجو بأن يبلغ الحاضر منكم الغائب عن هؤلاء الإخوة، فإننا نذكر الإخوة المسلمين في المنصورة وفي غيرها بأن يكفل كل مسلم طالباً أو طالبة من هؤلاء؛ ليساعده على إتمام دراسته الشرعية في مصر، لينصرف هؤلاء بعد ذلك دعاة إلى دين الله جل وعلا.
أسأل الله أن يجعل لهذه الدعوة في قلوبكم مكاناً، وأن يرقق قلوبكم لها، وأن يبحث كل واحد منكم عن هؤلاء الإخوة والأخوات.
وأدلكم على أخصر طريق: فمن ذهب منكم إلى كلية الدراسات الإسلامية هنا استطاع أن يحصل على رقم الحساب، أو استطاع أن يكفل طالباً أو طالبة، أو أكثر من ذلك، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني ومنكم جميعاً صالح الأعمال، وأن يجمعنا جميعاً في جنات النعيم.