أيها المسلمون! إن الاستقامة على الطاعة أمر ضروري:(قل آمنت بالله ثم استقم) فيا من أطعت الله في رمضان، إياك أن تحيد عن طاعة الله في غير رمضان، فإن الاستقامة على الطاعة أصل السعادة في الدنيا والآخرة! يا من صمت نهار رمضان، وقمت الليل وعشت مع القرآن، وتسابقت في أوجه البر والخير والجود والإحسان، وستنفصل عن الطاعة بعد رمضان؛ هل ضمنت متى سيأتيك ملك الموت؟ هل سيأتيك ملك الموت على طاعة أم سيأتيك على معصية؟ أخي: لا يغرنك العمل، فإن العبرة بالخواتيم، ووالله إن أشد الخوف من سوء الخاتمة الذي أفزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي فطر قلبه على توحيد الله ولانت جوارحه وانقادت لطاعة الله، فكان يكثر في دعائه من قول:(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، فقالت له أم سلمة -والحديث في مسند الإمام أحمد بسند حسن-: (يا رسول الله! أو إن القلوب لتتقلب؟ قال: ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء الله أقامه وإن شاء الله أزاغه).
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه صلى الله عليه سلم قال:(إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل، كقلب واحد يصرفه الله حيث يشاء، ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك)، فهذا دعاء من فطر قلبه على توحيد الله دعاء من لانت وانقادت جوارحه في الليل والنهار لطاعة الله، بل ووالله لقد كانت عيناه تنام ولا ينام قلبه عن ذكر خالقه جل وعلا، يقوم يدعو الله ويناجيه ويقول:(اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).