ما الطريق إلى الأخوة؟ الطريق الأول: العودة الصادقة إلى أخلاق هذا الدين، فأنا أقول لكم -أيها الأحبة- إننا لن نعيد الأخوة والعقيدة بالمحاضرات الرنانة، ولا بالمجلدات ولا بالأشرطة فحسب، إن المنهج النظري الإسلامي المنير العظيم، سيظل محبوساً بين المجلدات وعبر الأشرطة، ما لم يتحول هذا المنهج في حياتنا إلى منهج حياة، وإلى واقعٍ عملي.
وأنا أقول: لقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم للإسلام العظيم دولةً من فتاتٍ متناثر، فإذا هي بناء شامخ لا يطاوله بناء، أقام دولةً أذلت الأكاسرة، وأهانت القياصرة، أقام دولة حولت الصحابة من رعاة للغنم إلى قادة للأمم -وتدبر معي- وذلك يوم أن نجح المصطفى صلى الله عليه وسلم في طبع عشرات الآلاف من النسخ من المنهج التربوي الإسلامي العظيم، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يطبعها بالحبر على صحائف الأوراق، وإنما طبعها على صحائف قلوب أصحابه بمدادٍ من التقى والنور.
فانطلق الصحابة ليحولوا هذا المنهج على أرض الواقع إلى منهج حياة، وواقعٍ يتألق سمواً وروعةً وعظمةً وجلالاً، وإن أعظم خدمة نقدمها اليوم لديننا -أيها الأحبة- أن نشهد للإسلام شهادة عملية على أرض الواقع، كلٌ في موطن إنتاجه وموطن عطائه، فنحن لا نريد أن تتحول الأمة كلها إلى دعاة على المنابر، وإنما نريد أن تتحول الأمة كلها إلى دعاة لدين الله كلٌ في موقع إنتاجه وعطائه، بحسب ما منَّ الله عز وجل به عليه من قدرات وطاقات.
ثم السبيل الثاني أن نتحرك بين الناس، بعد أن نحول أخلاق هذا الدين في حياتنا إلى واقع أن نتحرك بين الناس لدعوتهم إلى هذا الدين العظيم، وإلى أخلاق هذا الدين العظيم.
وأسأل الله العظيم الحليم الكريم جل وعلا أن يردنا إلى هذه المعاني رداً جميلاً، وأن يأخذ بنواصينا إليه، وأن يرد إلى الأمة عزها ومجدها وكرامتها، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يوحد بين صفوفنا، وأن يشف صدور قوم مؤمنين، وأن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال.
وأسأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب، أن ينصر الإسلام والمجاهدين في كل مكان، وأن يقر أعيننا بنصرة الإسلام، وأن يجعل هذا البلد الكريم سخاءً رخاءً وجميع بلاد المسلمين، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.