أيها الأحبة: إذا كانت مكانة رسول الله في قلوبنا أن نحتفل له في ليلة بقصيدة أو بندوة أو بمحاضرة، فما أرخصها من مكانة وما أرخصه من حب؛ لذا لا يعلم قدر رسول الله إلا الله، أنزل الله عليه القرآن ليربي ويعلم أصحابه، وليعلم المسلمين من بعدهم كيف يعاملون رسول الله، وكيف يوقرون رسول الله، وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء:"القرآن يعلم".
هذا القرآن يؤدبنا ويعلمنا كيف نعامل النبي صلى الله عليه وسلم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحجرات:١] قال ابن عباس: أي: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.
وقال مجاهد: أي: لا تفتاتوا على رسول الله حتى يقضي الله على لسان رسوله.
وقال الضحاك: أي: لا تقضوا شيئاً من شرائع دينكم دون الله ورسوله.
قال القرطبي:(لا تقدموا بين يدي الله ورسوله أي: لا تقدموا قولاً ولا فعلاً على قول الله وعلى قول وفعل رسول الله؛ فإن من قدم قوله وفعله على قول وفعل رسول الله فإنما قدمه على الله؛ لأن رسول الله إنما يأمر بما أمر به الله عز وجل).
قال الإمام الشنقيطي:(لا تقدموا بين يدي الله ورسوله)، ويدخل في ذلك دخولاً أولياً تشريع ما لم يأذن به الله، وتحريم ما لم يحرمه، وتحليل ما لم يحلله؛ إذ لا حلال إلا ما أحله الله على لسان رسوله، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا دين إلا ما شرعه الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الهدف الذي ينبغي أن تكون عليه الأمة مع رسول الله، أي: لا تقدم قولة ولا فعلة على قول وفعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والسؤال الآن يا إخوة: هل امتثلت الأمة أمر الله فتأدبت مع رسول الله؟ هل امتثلت الأمة أمر الله فلم تقدم قولها ولا حكمها ولا فعلها على قول وفعل وحكم رسول الله؟ والجواب بملء الفم: لا، والواقع خير شاهد، وهذا هو عنصرنا الثالث من عناصر اللقاء، أرجئ الحديث عنه إلى ما بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.