[دعوة إلى التوبة إلى الله والصلح معه]
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الرسالة، وبلغ الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، فصلى اللهم وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله، وجزاك الله عنا خير ما يجزي الله به نبياً عن أمته ورسولاً عن قومه.
أيها الأحباب! هيا بنا لنثق في كلام الله، ونثق في رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغ عن ربه، فإن مشكلتنا عدم الثقة بالله جل جلاله، يقول الله سبحانه، وأنا أُذكر المسئولين وأُذكر المسلمين في هذا البلد، ما هي نتيجة الصلح مع الله؟ وما هي نتيجة الرجوع إلى الله جل وعلا؟ يقول الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} [نوح:١٠].
ما هي النتيجة إذاً؟ ما هي النتيجة لو عدنا إلى الله من معاصينا؟ ما هي النتيجة لو تبنا إلى الله من ذنوبنا وتقصيرنا؟ {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح:١٠ - ١١].
يا من تريدون الماء! ويا من تريدون المطر! هاهو العلاج، هاهو الدواء {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح:١١ - ١٣].
هذا هو كلام ربنا، فالقضية قضية عدم الثقة بكلام الله.
لقد جربنا الشرق مرة، وجربنا الغرب مرة، واتخذنا جميع الخطط؛ خطةٌ خمسية، وخطةٌ سنوية، وخطةٌ شهرية، ولكن لا مفر من الصلح مع صاحب الأمر كله، لا مفر من الرجوع إلى الله، لابد أن نرجع: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} [نوح:١] ما هي النتيجة؟ {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح:١١] لأنه هو وحده بيده مفاتيح الماء، بيده مفاتيح الأرض والسماء: {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:١١ - ١٢] ولكنكم لا ترجون توقير الله، ولا ترجون أن تثقوا في الله، ولا تصدقون كلام الله، فأنتم ومصيركم.
{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح:١١] يا من تريدون المطر، ويامن تريدون الماء، ويا من تخافون من نقص المياه، ونقص الكهرباء، هاهنا في استغفار الله، هاهنا في الرجوع إلى الله، هاهنا في العودة إلى الله جل وعلا.
ورُوي أن الحسن عليه رضوان الله جاءه رجلٌ يسأله ويشتكي له الفقر، فقال له الحسن: استغفر الله.
وجاء رجلٌ ثانٍ إلى الحسن يشكو الجدب -أي: عدم نزول المطر- فقال له الحسن: استغفر الله.
وجاء رجلٌ ثالث يقول للحسن: أنا رجلٌ صاحب أموال إلا أنني أريد البنين والأولاد، فقال له الحسن: استغفر الله.
وجاء رجلٌ رابع يشكو للحسن قلة ريع الأرض وإنتاج الأرض، فقال له الحسن: استغفر الله.
فتعجب الجميع من حوله، وقالوا له: ما هذا يا تقي الدين؟ إن رجلاً جاء وسألك واشتكى إليك الفقر، فقلت: استغفر الله، وجاء آخر يشكو إليك قلة ريع الأرض فقلت: استغفر الله، وجاء آخر يشكو إليك عدم نزول المطر فقلت: استغفر الله، وجاء رابع يشكو إليك عدم وجود البنين فقلتَ له: استغفر الله!! فقال لهم: هذا من كتاب الله جل وعلا ثم تلى عليهم قوله سبحانه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح:١٠ - ١٣].
يقول الله سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف:٩٦] يقول سبحانه: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} [الجن:١٦] هذا كلام ربنا، فأين الثقة في كلام الله؟ إنها الثقة.
إذاً: مشكلتنا عدم الثقة في الله، وعدم اليقين في كلام الله تبارك وتعالى.