[الشرط السابع: المحبة]
الشرط السابع من شروط لا إله إلا الله هو: شرط المحبة.
والمحبة ركن التوحيد، وبكمالها يكمل التوحيد، وبنقصها ينقص التوحيد، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: إن شجرة المحبة لو غرست في القلب، وسقيت بماء الإخلاص، وغذيت بمتابعة سيد الناس؛ أثمرت كل أنواع الثمار، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها، فهي شجرة أصلها في قرار القلب، وفرعها يتصل بسدرة المنتهى.
والمحبة ركن التوحيد، فبكمالها يكمل التوحيد، وبنقصها ينقص التوحيد، ولقد ادعى ناس المحبة، فابتلاهم الله بآية المحبة: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ} [آل عمران:٣١].
إذاً: للمحبة شروط وهي: أولاً: أن تقبل ما جاء به الله عز وجل وإن خالف هواك، وأن تبغض ما أبغضه الله وإن مال إليه هواك، فهذا أول شرط، قال الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).
والشرط الثاني: هو محبة النبي صلى الله عليه وسلم، بأن تكون محبتك لرسول الله أكثر من محبتك لمالك وولدك ونفسك التي بين جنبيك.
ولقد ادعى كثير من المسلمين المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن المحبة واقع وسلوك واقتفاء لأثر الحبيب صلى الله عليه وسلم.
هذه الشروط الثقال قيدت بها كلمة التوحيد والإخلاص، فمن أتى بكلمة التوحيد بهذه الشروط فهو من أهل الجنة، أما إن قالها بلسانه وكذبها بقلبه وأنكرها بأعماله وسلوكه، فبإجماع أهل العلم أنها لا تنفعه لا إله إلا الله، وإن نفعته في الدنيا فلن تنفعه في الآخرة؛ لأن المنافقين قالوها فانتفعوا بها في الدنيا، ولن ينتفعوا بها في الآخرة، فإنهم في الدنيا عصموا بها دماءهم وأموالهم، وتزوجوا من المسلمات، وحضروا مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعات والجماعات، بل وشاركوه في الغزوات، واقتسموا معه الغنائم، ولكنها لن تنفعهم يوم القيامة؛ لأن الله جل وعلا قال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ} [النساء:١٤٥].
إذا تقاضى الناس في أرض المحشر، وعمهم الظلام، قام أهل التوحيد بأنوار لا إله إلا الله، نورهم يضيء لهم الطريق، فيتحرك الركب النوراني بقيادة محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله جل وعلا: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:٨]؛ يوم أن يتحرك هذا الركب النوراني بقيادة محمد عليه الصلاة والسلام، يقوم أهل النفاق يريدون أن يتحركوا مع هذا الركب، فيجدون أنفسهم في ظلمة، فينادون المؤمنين: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:١٣].
فمن قالها بلسانه وكذبها بقلبه فهو منافق، ومن قالها بلسانه وأشرك فيها مع الله عز وجل فقد أشرك، فالصدق والإخلاص متلازمان.
فهذه هي بعض الشروط الثقال التي قيدت بها كلمة التوحيد، ولا ينتفع قائلها إلا بهذه الشروط، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن انتفع بها في الدنيا والآخرة.
هذا بإيجاز توحيد الألوهية.