للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلَّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام: هذه صورة مصغرة على قدر جهلي أقدمها لحضراتكم عن الحساب، ولك -أخي- أن تعيش بقلبك وكيانك كله هذا المشهد الذي يكاد أن يخلع القلوب، هذا إن كنا ممن يحمل في الصدور القلوب، فإنه لا يتأثر بموعظة ولا يستجيب لآية أو حديث إلا من كان له قلب.

قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:٣٧].

وكم من الناس الآن من يتحرك في هذه الدنيا وهو لا يحمل قلباً، فقد مات قلبه منذ زمن، وكفن منذ أمد، يسمع القرآن يتلى ولا حياة لمن تنادي، يسمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فربما يسخر ويهزأ بمذكره.

فيا أيها الأخ الكريم: حاسب نفسك الآن قبل أن تحاسب بين يدي الجبار.

قال عمر -والأثر رواه أحمد والترمذي بسند صحيح-: (أيها الناس! حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية، فإنما يخفف الحساب يوم القيامة عمن حاسب نفسه في الدنيا).