[غفلة الأمة عن جراحها ومصائبها]
أمة لا تستحي حين يرقص القادة والعلماء والكبار بحب رسول الله في الوقت الذي تسفك فيه الدماء، وتمزق فيه الأشلاء، وتنتهك فيه الأعراض، وتدنس فيه المقدسات، والأمة لا زالت تغني، ومازالت ترقص بحبها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الذي قال كما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
المسلمة في البوسنة تصرخ والمسلمون في بلاد المسلمين يأكلون عروسة المولد! المسلمة في البوسنة ينتهك عرضها ولا زال الكبار يرقصون ويغنون بحب رسول الله، أين أنتم من رسول الله؟! أين أنتم من محبته صلى الله عليه وسلم؟! المسلمة منذ أربع سنوات تصرخ في البوسنة، وأخيراً قالت: أيها المسلمون! إن عجزتم عن مدنا بالسلاح فأمدونا بحبوب منع الحمل؛ حتى لا تعظم المصيبة، أين المسلمون الراقصون؟! أين المسلمون الذين يتغنون في الليل والنهار؟! يا مسلمون إن عجزتم عن مدنا بالسلاح لندافع عن شرفنا وعقيدتنا، فأمدونا بحبوب منع الحمل؛ حتى لا تعظم المصيبة.
بل قهر الصرب قلب المسلمة، وحطموا فؤادها يوم أن أخذوا طفلها من صدرها، ووضعوا طفلها أمام عينيها على النار؛ ليشوى الطفل أمام أمه، ثم أكرهت الأم تحت تهديد الرصاص أن تأكل من لحم ولدها المشوي، وبعد ذلك ينتهك عرضها، ثم تضرب بالرصاص لتقتل!! أين المسلمون الذين يغنون ويرقصون بحب رسول الله؟!! المسلمة في البوسنة تصرخ وتقول: أنا لا أريد طعامكم وشرابكم فدمي هنا يا مسلمون يراق عرضي يدنس أين شيمتكم أما فيكم أبيٌ قلبه خفاق أختاه أمتنا التي تدعونها صارت على درب الخضوع تساق أودت بها قومية مشئومة وسرى بها نحو الضياع رفاق إن كنت تنتظرينها فسينتهي نفق ويأتي بعده أنفاق مدي إلى الرحمن كف تضرع فلسوف يرفع شأنك الخلاق لا تيأسي فأمام قدرة ربنا تتضاءل الأنساب والأعراق يا من احتضنت طفلك في صدرك، وضحكت ملء فمك، وأكلت ملء بطنك، وعشت للكراسي الزائلة وللمناصب الفانية، لقد أُخذ الطفل من أحضان أمه على أرض البوسنة.
والله الذي لا إله غيره لقد رأيت بعيني على شاشات التلفاز في إحدى الزيارات لأمريكا منظراً يخلع القلب، رأيت امرأة صومالية خرجت في ظل هذه الحرب الطاحنة وخرج معها أبناؤها، وفي صحراء مقفرة نفد الطعام ونفد الشراب، فسقطت الأم من الإعياء وهي تحمل رضيعها، وتحمل طفلاً آخر على ظهرها، وأطفالها يجرون ثيابها من خلفها، كانت تمشي هذه الأم في الصحراء، ثم انتهى الطعام وانتهى الشراب وسقطت الأم تحت حرارة محرقة في صحراء مقفرة، ونامت وطال نومها، قبض الله روحها وماتت، وانطلق الأطفال يبحثون عن طعام يبحثون عن شراب، فلما لم يجد الأطفال طعاماً ولا شراباً انطلقوا يفتشون عن ثدي الأم، فالتقم الأطفال الثدي، فلما جف الثدي ولم يعد يعطي لبناً انطلق الأطفال يبحثون عن شيء آخر فلم يجدوا، فوالله لقد انقضوا على لحم أمهم ليأكلوه!! هذه صورة في الصومال على مرأى ومسمع المسلمين، وفي البوسنة أيضاً ينتزع الطفل من أمه ليباع أمام أمه، طفل يباع أمام أمه، أين المسلمون الذين يغنون ويرقصون لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! أطفالنا ناموا على أحلامهم وعلى لهيب القاذفات أفاقوا أطفالنا بيعوا وأوروبا التي تشري ففيها راجت الأسواق أين النظام العالمي أما له أثر ألم تنعق به الأبواق أين السلام العالمي لقد بدا كذب السلام وزاغت الأحداق يا مجلس الخوف الذي في ظله كسر الأمان وضيع الميثاق أوما يحركك الذي يجري لنا أوما يثيرك جرحنا الدفاق يعفى عن الصرب الذين تجبروا وطغوا ويفرد بالعقاب عراق وحشية يقف الخيال أمامها متضائلاً وتمجها الأذواق أين الذين يرقصون ويغنون بحب رسول الله من هذه المآسي المروعة، في البوسنة، وفي الصومال، وفي الشيشان، وفي طاجكستان، وفي تركستان، وفي كشمير، وفي الفلبين، وفي كل مكان؟ ففي كل بلد على الإسلام جائرة ينهد من هولها رضوى وثهلان ذبح وصلب وتقتيل لإخوتنا كما أعدت لتشفى الحقد نيران يستصرخون ذوي الإيمان عاطفة فلم يغثهم ليوم الروع أعوان هل هذه غيرة أم هذه ضعةٌ للكفر ذكر وللإسلام نسيان الواقع خير شاهد على كذب الأمة، وعلى أن الأمة قد خانت الله والرسول، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:٢٧]، والواقع خير شاهد على أن الأمة قد خانت ربها، وخانت نبيها، يوم أن تخلت عن الأمانة وعن السيادة وعن القيادة بتركها لأصل عزها، ونبع شرفها، بتركها للكتاب والسنة، وصار المجتمع الغربي يقود البشرية كلها على حين غفلة من أمة القيادة.
وأخيراً هذا هو الحب أيها المحب، وأكتفي الآن بهذا القدر، لأرجئ الحديث عن هذا العنصر بعد الصلاة إن شاء الله تعالى لمن أراد أن يسعدنا ويشرفنا بالجلوس نظراً لهذه الإطالة.
أسأل الله عز وجل أن يرد الأمة إليه رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً! اللهم أنت غياثنا فبك نستغيث، وأنت عياذنا فبك نعوذ، وأنت ملاذنا فبك نلوذ، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، ويا سامع كل نجوى، يا عظيم الإحسان، ويادائم المعروف، اللهم ارفع مقتك وغضبك عن أمة حبيبك محمد، اللهم ارفع مقتك وغضبك عن أمة حبيبك محمد، اللهم ارفع مقتك وغضبك عن أمة حبيبك محمد، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكس المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع، اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكس المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم شتت شمل الصرب، اللهم سلط الصرب على الكروات، وسلط الكروات على الصرب، وأخرج المسلمين البوسنيين من بينهم سالمين غانمين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إن الكل قد تخلوا عنهم فلا تتخل عنهم بذنوبهم، اللهم كن لهم ناصراً يوم قل الناصر، وكن لهم معيناً يوم انعدم المعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تدع لأحد منا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا أديته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروما، اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم ارزقنا الصدق في أقوالنا والإخلاص في أعمالنا، واليقين في عقيدتنا، اللهم لا تدع للشيطان حظاً ولا نصيباً في أفعالنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك أن تجعل مصر واحة للأمن والأمان، اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان، وسائر بلاد الإسلام، اللهم ارفع عن مصر الغلاء والوباء والبلاء برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم لا تحرم مصر من التوحيد والموحدين، اللهم لا تحرم مصر من التوحيد والموحدين، اللهم ارفع غضبك ومقتك عنا يا أرحم الراحمين.
هذا، وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه، وأقم الصلاة.