الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: بإيجاز شديد سأكتفي بحديث واحد في كل صحابي جليل ممن أود أن أتحدث عنهم فهل يسب عثمان الحيي التقي ذو النورين، وصاحب الهجرتين، والمصلي إلى القبلتين، وزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ عثمان الكريم المعطاء، الذي ما تعرض الإسلام لهجمة إلا ووجدت لتلك الأزمة عثمانها المعطاء، يجود بكل ما يملك بمنتهى الجود والكرم والسخاء، عثمان الحيي الذي ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة (أن أبا بكر استأذن يوماً على رسول الله وهو في حجرة عائشة، وقد اضطجع النبي على يمينه وكشف عن فخذه أو ساقه، فأذن النبي لـ أبي بكر فدخل الصديق فكلم النبي والنبي على هيئته لم يتغير، ثم استأذن عمر فأذن النبي لـ عمر فدخل فكلمه وانصرف والنبي على هيئته لم يتغير، فلما استأذن عثمان على رسول الله جلس النبي وسوى عليه ثيابه وأذن لـ عثمان فدخل فكلم النبي ثم انصرف، ففطنت عائشة الفقيهة لمثل هذا، وقالت: يا رسول الله! استأذن عليك أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم استأذن عليك عمر فلم تهتش له ولم تباله، فلما استأذن عليك عثمان جلست وسويت ثيابك وأذنت له! فقال النبي: يا عائشة! ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟!).
وعثمان هو الذي وسع المسجد، وعثمان هو الذي اشترى بئر رومة، وعثمان هو الذي جهز جيش العسرة، عثمان الذي ما وجدت أزمة تعصف بالإسلام إلا ووقف لها بكل جود وسخاء وكرم، أيسب عثمان رضوان الله عليه المبشر بالشهادة والمبشر بالجنة من كلام النبي الذي لا ينطق عن الهوى؟!