للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلمات لها مغزى]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.

فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسال الله جل وعلا الذي جمعني وإياكم في هذا الجمع المبارك على طاعته، أن يجمعني وإياكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أحبتي في الله! (إنها حضارة العبيد) هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك، فأعيروني القلوب والأسماع؛ فإن هذا الموضوع في هذه الأزمة الحرجة التي تمر بها أمتنا من الأهمية بمكان، وسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية: أولاً: كلمات لها مغزى.

ثانياً: حضارة العبيد.

ثالثاً: حضارة الإسلام والإنسانية الواحدة.

رابعاً: حضارة الإسلام والأخلاق الفريدة الفذة.

خامساً: حضارة الإسلام والرفق بالحيوان.

وأخيراً: أمانة أطوق بها الأعناق.

أخي! أعرني قلبك وسمعك فإن هذا الموضوع في هذا الظرف الحرج من الأهمية بمكان.

أولاً: كلمات لها مغزى: أستهل بها الحديث عن هذا الموضوع الخطير الهام، وأقول: لا حاضر لأمةٍ تجهل ماضيها، ولا مستقبل لأمة تنسى فضائلها، وإذا كان الوقوف أمام الماضي للبكاء والنحيب عليه هو شغل الفارغين العاطلين التافهين، فإن ازدراء الماضي بكل ما فيه من خير ونور هو شأن الحاقدين والجاهلين!! ومن السفه أن تنطلي علينا الآن خطط الأعداء الذين حاولوا بكل سبيل أن يحولوا بين أجيال الأمة المعاصرة وبين الماضي المشرق المجيد؛ حتى لا تستمد الأجيال من الماضي المجيد المشرق نوراً يضيء لها طريق المستقبل، وشعلة توقد دروب الحياة، ودماء تتدفق في عروق المستقبل والأجيال.

إن كل أمة من أمم الأرض تعتز بماضيها، ولو كان أسود مظلماً كظلام الليل، وتعقد له الاحتفالات، بل وتمنح أبناءها في الوظائف الرسمية العطلات والإجازات لذلك، وإن أحق أمم الأرض بهذا الاعتزاز والفخار بجدارة واقتدار، بل وبشهادة العزيز الغفار، هي أمة نبينا المختار، قال سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

فَكّرْ جيداً -أيها الحبيب! - في هذه الكلمات؛ لتعلم أنه من الخطر العظيم أن يحال بين ماضينا المشرق وبين مستقبلنا، أسأل الله أن يجعله مستقبلاً زاهراً للإسلام والمسلمين.