وهنا أذكر موقف هاجر عليها السلام، يوم أن ذهب بها الخليل إبراهيم مع ولدها الرضيع إسماعيل، وتركهما إلى جوار بيت الله الحرام، ونظرت هاجر عليها السلام إلى هذا المكان المقفر الموحش الذي لا سبب فيه من أسباب الحياة الظاهرة، وقالت له حينما هم بالانصراف: يا إبراهيم! لمن تتركنا في هذا المكان؟ وإبراهيم لا يرد، وأخيراً مع توسلات هاجر عليها السلام ينظر إبراهيم إلى السماء، ففهمت هاجر أن الله جل وعلا أمره بذلك، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ فأشار برأسه أن نعم، فقالت: إذاً فلن يضيعنا الله أبداً.
هذا وعد الله لأوليائه ولأحبابه وللأتقياء:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٢ - ٣] والرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن أخذ بكل ما يمكن أن يؤخذ به من الأسباب في يوم الهجرة، ويوم أن انقطعت به الأسباب، وقال الصديق رضي الله عنه:(يا رسول الله! لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له الرسول: يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟) ومن كان الله معه فمن ضده؟ ومن عليه؟ ومن يكيده؟ وكما يقول الإمام ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم: فمن كان الله معه فمعه القوة التي لا تقهر، والفئة التي لا تغلب ولا تهزم، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل.