للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لنبدأ بأنفسنا]

الخطوة العملية الأولى: أن تبدأ بنفسك، وأنا أبدأ بنفسي، فلا ينبغي أن نعلق كل ما نسمع على غيرنا، فلنبدأ الآن أيها الأحباب الكرام: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:١٦٥] والله هو من عند نفسي ومن عند نفسك، لو تحركت الآلاف المؤلفة وحول كل واحد منا هذا الكلام في بيته وحياته ووظيفته إلى واقع عملي ومنهج حياة، والله لغير الله حالنا، وأنا لا أخاطب الآن هذه الألوف التي بين يدي، بل أخاطب الأمة في ملايينها المملينة عبر شريط (الكاست)، فإننا رأينا الأشرطة في الشرق والغرب بالآلاف لا بالعشرات ولا بالمئات، لذا فإننا نخاطب الأمة كلها عبر شريط (الكاست): فليرجع كل مسلم إلى الله إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله، وليعلم كل مسلم على وجه الأرض أن شعار المنافقين هو: السمع والعصيان، وأن شعار المؤمنين هو السمع والطاعة، فاختر لنفسك، وحدد طريقك ومنهجك.

هل تسمع عن الله فتقول: سمعنا وأطعنا؟ هل تسمع عن رسول الله، فتقول: سمعنا وأطعمنا؟ أم أنك تسمع وتقول: سمعنا وعصينا؟! حدد طريقك من الآن؛ لأن الأمر لا يحتاج إلى لف أو دوران، فلنصدق الله مرة، قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور:٥١].

أما شعار أهل النفاق فكما قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء:٦٠ - ٦١].

فاختر لنفسك وحدد طريقك ومنهجك، لابد من تمايز الصف الآن، هذا الغبش الذي تحمله الأمة لن ينصرها الله به أبداً، لابد من تمايز الصف، لابد أن يظهر المنافقون لعوام المسلمين، ولابد أن يظهر المؤمنون الصادقون، لابد من التمايز.

فاختر طريقك، وحدد سبيلك، وحدد غايتك، هل أنت ممتثل لأمر الله لأمر رسول الله؟ هل شعارك: سمعنا وأطعنا؟ أم شعارك: سمعنا وعصينا وإن لم يقلها لسانك؟! الإيمان ليس كلمة تقال باللسان فحسب، ولكن الإيمان: قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح، والأركان قال الحسن: (ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، فمن قال خيراً وعمل خيراً قبل منه، ومن قال خيراً وعمل شراً لم يقبل منه)، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).