وأخيراً أيها الأحبة الكرام! أقول: لا سعادة للبشرية كلها بصفة عامة، وللمسلمين بصفة خاصة -لاسيما بعدما رأى المسلمون هذه الصور الشاذة وهذا العقاب الإلهي- إلا بالعودة إلى منهج الله جل وعلا؛ ليستظلوا بظلاله الوارفة، بعد أن أحرقهم لفح الهاجرة القاتل، وأرهقهم طول المشي في التيه والضلال، فلا ملجأ ولا ملاذ من الله عز وجل إلا إليه سبحانه وتعالى، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}[طه:١٢٤].
هذا ورب الكعبة! هو الضنْك الذي تحياه البشرية كلها، فإن العالم اليوم بالرغم مما وصل إليه من وسائل الأمن والأمان يعيش مرحلة ما مر بها من قبل من حالة الذعر والخوف والرعب.
وبالرغم مما وصل إليه من تقنية حديثة في جانب الاتصال، فإنه يعيش حالة من الحرمان، وحالة من الفقر والضنْك.
وبالرغم مما وصل إليه من سبل الرفاهية الحديثة، فإنه يعيش حالة من القلق والاضطراب والشرود.
ومن أراد أن يتعرف على هذه الحقائق فليذهب إلى هذه المجتمعات؛ ليرى بعينه حالة القلق النفسي التي يحياها هؤلاء، على الرغم مما وصلوا إليه في الجانب المادي، ونحن لا ننكر على الإطلاق أنهم قد وصلوا إلى أرقى الدرجات في الجانب العلمي.
نعم.
غاصوا في أعماق البحار فجّروا الذرة حولوا العالم كله إلى قرية صغيرة عن طريق التقنية الحديثة، والتطور المذهل في عالم المواصلات والاتصالات، لكن بالرغم من هذا أقول: إن هذا التقدم ما جاء إلا على حساب الجانب الآخر على حساب الجانب الإيماني على حساب الجانب العقدي والأخلاقي والروحي.
إن هذه الحضارة قد أمدت البدن بكل ما يشتهيه، ونسيت هذه الحضارة أن الإنسان يتكون من طين وروح، فأعطت هذه الحضارة الطين كل ما يشتهيه وتركت الروح تصرخ في هذا الخواء! رأينا -ورب الكعبة- ذلك بأعيننا -أيها الأحبة- على من الرغم ذلك التقدم العلمي رأينا هذا الشرود رأينا هذا القلق رأينا هذا الاضطراب رأيناه بأعيننا في قلعة الكفر الآن التي تصدر كل إلحاد وضلال وفسق وانحراف إلى بلدان العالم، ألا وهي أمريكا.
رأينا ذلك بأعيننا: رأينا الدعارة، ورأينا الانحراف، رأينا عالم البهائم على الرغم مما وصلوا إليه في كل مكان، رأينا الدعارة في الطيارة في السيارة في المطار في القطار في الفندق في النادي في كل مكان!!