[البراءة من الشرك في المحبة]
أول مقتضى من مقتضيات حبك الصادق للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو: البراءة من الشرك: محال أن تدعي الحب للنبي صلى الله عليه وسلم وقلبك لم ينق ولم يطهر من شوائب الشرك.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: النفي المحض ليس توحيداً، وكذلك الإثبات بدون النفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمناً للنفي والإثبات معاً.
قال علماؤنا: لابد من التخلية قبل التحلية.
والتخلية هي: أن تكفر بالأنداد والأرباب والآلهة والطواغيت.
فنقب في قلبك وانظر هل أخليته من هذا؟ وهل تبرأت من الأرباب والأنداد والآلهة والطواغيت وأخلصت القلب لله وحده لا شريك له؟ وهل كفرت بالطواغيت؟ والطواغيت: جمع طاغوت، والطاغوت كما قال عمر: هو الشيطان.
وقال مالك: هو كل ما عبد من دون الله.
وقال ابن القيم: الطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.
فأنت مأمور يا من أحببت الله وأحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم! أن تكفر بالطواغيت على ظهر الأرض، كما قال جل وعلا: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:٢٥٦]، ولاحظ أن الله قدم الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله؛ إذ لابد من التخلية قبل التحلية.
وعليك أن تكفر بالأنداد، كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة:١٦٥]، اللهم ارزقنا حبك، وحب نبيك، وحب من أحبك يا رب العالمين! والمؤمن الصادق هو الذي امتلأ قلبه بحب الله وحب رسوله، ولكن كثيراً من الناس قد امتلأت قلوبهم بمحبة الأنداد من دون الله أو مع الله! ألم تسمع أن امرأة تخلصت من حياتها وانتحرت بسبب موت العندليب الأسود؟!! ألم تسمع عن رجلٍ جلس في استادٍ للكرة فصرخ صرخةً فقد فيها روحه؛ لأن فريقه قد مُنِي بهدفٍ من الفريق الآخر؟ ألم تسمع قول القائل: هبوني ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم سلامٌ على كفرٍ يُوَحَد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم ألم تسمع قول القائل: آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة دينًا ما له ثاني ألم تسمع قول القائل: إن مصر ستظل فرعونية، ولو وقف الإسلام حجر عثرة في طريق فرعونيتنا لنحينا الإسلام جانباً؛ لتظل مصر فرعونية؟!! ألم تسمع قول القائل: لقد عزمنا على أن نأخذ ما عند الغربيين حتى الالتهابات التي في رئاتهم والنجاسات التي في أمعائهم؟!! ألم يقل ربك: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة:١٦٥].
قال رجل للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما شاء الله وشئت يا رسول الله! قال صلى الله عليه وسلم: أجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده).
فهل كفرت بالأنداد؟! وهل كفرت بالأرباب غير الله جل وعلا؟ والأرباب جمع رب، كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة:٣١].