الأمة تضع الخطط السنوية والخمسية، وإلى الآن ما وضعت ضمن خطة واحدة قدرة وعظمة رب البرية! إلى متى؟! متى ستفيق الأمة بحكامها وعلمائها؟! متى ستفيق؟! ماذا تنتظر هذه الأمة؟! هذه الخطة الأولى: اعتصام بالله، يقين في الله، ثقة في الله، توكل عليه، رجاء فيه، تفويض إليه، تجديد للإيمان، تجديد للتعبد، تحكيم للشريعة، كل هذا يندرج في إطار العقيدة.
أنا قد أصلت أن الإسلام عقيدة، تنبثق من هذه العقيدة شريعة، تنظم هذه الشريعة بعد ذلك كل شئون الحياة.
ولا يقبل الله من أمة شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم، فلترجع الأمة إلى الله، ولتمتثل أمره، ولتجتنب نهيه، ولتقف عند حدوده، ثم بعد ذلك فلترفع الأمة راية الجهاد في سبيل الله، هذا ما ندين الله به في هذه المرحلة، تجديد للإيمان، تصحيح للعقيدة، تصحيح للاعتصام به، تجديد لليقين فيه، تجديد للثقة فيه، تجديد للتوكل عليه، تجديد للرجاء فيه، تجديد للعقيدة بشمولها وكمالها، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ووقوف عند حدوده، هذا هو تحكيم الشرع.
أنا لا أفهم من آية قرآنية ولا من سنة إلهية أن الله ينصر أمة نحت دينه، وخذلت شريعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فليبدأ حاكم من حكام المسلمين بمعنى هذا التأصيل الذي ذكرت، معنى تأصيل العقيدة وتحكيم الشريعة والعودة إلى دين الله، وليرفع بعدها راية الجهاد في سبيل الله، وليقل: حي على الجهاد! وليدع الفرصة للعلماء ليجيشوا ملايين الشباب، أستغفر الله! بل ملايين الشيوخ! بل ملايين النساء والأطفال! بل والله إن الأمة الآن تحترق منها القلوب، والواحد منها يتمنى أن يبذل روحه ودمه لدين الله تبارك وتعالى، بل ورب الكعبة يتمنى أن يسد بصدره فوهات مدافع أعداء الله! ليعلم كلاب الأرض من اليهود أن محمداً ما مات وما خلف بنات، بل خلف رجالاً تحترق قلوبهم شوقاً للشهادة في سبيل الله! أنا لا أفهم أبداً أن ترفع الأمة راية للجهاد قبل أن ترفع الأمة راية العقيدة، وقبل أن تحكم الأمة الشريعة، قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) تدبروا هذا النداء، فالله يثبت لهم في صدر الآية الإيمان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الصف:١٠](تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ويأمرهم بالإيمان بعد أن أثبت لهم عقد الإيمان في صدر الآية في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا)، ومع ذلك يقول:(تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) تدبر القرآن!: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[الصف:١١].
ماذا تنتظر الأمة بعد هذا؟! إلى هذه اللحظة لم تتخذ الأمة حتى قرارات سياسية، فلتطرد الأمة سفراء اليهود من بلادها، ولتسحب الأمة سفراءها من بلاد اليهود وبلاد الغرب، ولتوقف الأمة بترولها عن الشرق والغرب، ولنقاطع المنتجات الأمريكية التي وضعت رءوسنا في الوحل والتراب، والله سنأكل التراب ونعيش بعزة وكرامة واعتصام بالله تبارك وتعالى، ويقين فيه وثقة فيه وتوكل عليه ورجاء فيه، ثم نرفع راية الجهاد في سبيل الله، الشباب يريدون الشهادة، لماذا لا تفتح الحدود لهم؟! لماذا لا نمد إخواننا على أرض فلسطين بالسلاح إن كنا لا نريد أن نفتح الحدود بيننا وبينهم؟! لماذا لا نمد هؤلاء بالسلاح؟! فإن اليهود الآن يستعملون كل أنواع الأسلحة ذات الصنع الأمريكي ضد هؤلاء العزل! لا حل إلا بالعقيدة ثم رفع راية الجهاد في سبيل الله، هذا هو الحل ورب الكعبة! وكل أهل الشرق والغرب لا يريدون أبداً أن تظلل الساحة بمظلة الجهاد.
لا يريدون لهذه اللفظة أن تتردد؛ لأنهم يعلمون أنه إذا تحولت الحرب إلى حرب عقدية؛ فستنقلب كل الموازين، فالصراع بيننا وبين اليهود ليس صراع أرض وحدود، ولكنه صراع عقيدة ووجود!