تحكيم الشريعة الإسلامية وإقامة حد الردة على هؤلاء المرتدين الخبثاء، إن القوانين الوضعية كانت أخطر سبب من أسباب انتشار هذه الردة؛ لأن القوانين الوضعية في الوقت الذي تقيم فيه أشد العقوبات على من خرج على القانون، فإنها لا تذكر عقوبة على من خرج عن الإسلام.
قد تصل العقوبة في القانون الوضعي إلى حد الإعدام لمن اتهم بتهمة الخيانة العظمى، والمراد بها هنا خيانة الوطن، في الوقت الذي لا نرى فيه عقوبة تذكر لمن خرج على الإسلام، بدعوى أن الإنسان حر في اختيار عقيدته.
نعم لا أخالفك أن الإنسان حر في اختيار عقيدته إن كان يهودياً أو نصرانياً أو بوذياً؛ لكن بشرط أن لا يحال بيننا وبينه في أن نبلغه دعوة الله، وأن نقيم عليه حجة الله، فإن بلغناه الدين وأقمنا عليه الحجة ولم يحل بيننا وبين ذلك أحد، فله بعد ذلك أن يختار من الدين ما يشاء، {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ}[البقرة:٢٥٦]، لكننا أمام مسلم دخل الإسلام مختاراً طائعاً، وارتد عن الإسلام بصورة علنية تعبر عن استخفافه بعقيدة الأمة، هذا خروج يقوض بنيان المجتمع الإسلامي من قواعده، فلو ارتد هذا وارتد ذاك وارتد الثالث وارتد العاشر، لفتح الباب على مصراعيه لمرضى القلوب من المنافقين الذين لا يخلو منهم زمان ولا مكان للتشكيك في عقيدة الإسلام ذاتها.
فهذا أمر خطير، ومن أجل ذلك فإن الشريعة العصماء لم تتساهل أبداً مع هذا الصنف الخبيث من المرتدين، بل أمرت أن يمهل المرتد ثلاثة أيام، فإن أقيمت الحجة عليه وتاب إلى الله سقط الحكم، وإلا فيجب على ولي الأمر المسلم أو من ينوب عنه أن يقيم فيه حد الله بالقتل، للحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، وفي رواية البخاري من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال:(من بدل دينه فاقتلوه).
وهذا خطاب للمسئولين، وأنا أتضرع إلى الله في هذه اللحظة أن يردهم إلى الشريعة وإلى الحق رداً جميلاً.