للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كل نفس ذائقة الموت]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أيها الأحبة في الله: هكذا مات الرسول صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:٣٤ - ٣٥].

أفإن مت يا محمد فأي مخلوق أن يخلد بعدك؟! لا والله، إنها الحقيقة الكبرى في هذا الوجود.

يا عباد الله: إنها الحقيقة التي يسقط عندها جبروت المتجبرين، وعناد الملحدين, وبغيان البغاة المتألهين، إنها الحقيقة التي تسربل بها طوعاً أو كرهاً العصاة والطائعون، بل والأنبياء والمرسلون، إنها الحقيقة التي تعلن على مدى الزمان والمكان في أذن كل سامع، وعقل كل مفكر أنه لا بقاء إلا للحي الذي لا يموت، لو شاء الله جل وعلا أن يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق مستوى الموت وآلام الموت لفعل، ولكنه بشر يموت كما يموت سائر البشر: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء:٣٤].

فيا أيها المسلمون: اعتبروا بموت رسول الله، واذكروا مصابكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعلموا أن حب الرسول ليس مجرد دمعات تسكب على الوجنتين لا والله، ولكن حب الحبيب صلى الله عليه وسلم اقتفاء لأثره، واهتداء بهديه، والتزام بسنته، وأن نطيعه صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر، وأن ننتهي عن كل ما نهى عنه النبي وزجر؛ هذه هي محبتنا لرسول الله.

أما أن نقول إننا نحب الرسول صلى الله عليه وسلم ونكتفي بأن ننتج له القصائد والأشعار على منوال حب عنتر لـ عبلة، أو قيس لـ ليلى -والعياذ بالله- ونتوقف عند كلمات العشق والغرام في رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه محبة كاذبة، محبة باطلة، يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: لقد ادعى قوم المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فابتلاهم الله بآية المحبة فقال جل وعلا: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١].

اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر، وانته عن كل ما نهى عنه النبي وزجر، تكون بذلك محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

اللهم كما آمنا بنبيك ولم نره فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله.

اللهم أوردنا حوضه الأصفى، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نرد ولا نظمأ بعدها أبداً يا رب العالمين.

اللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته.

اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اللهم اجزه عنا خير الجزاء يا رب العالمين.

اللهم توفنا على ملته، واحشرنا تحت لوائه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.