[هم القدوة فاعرفوا لهم قدرهم]
أخيراً: أكتفي بهذا الأثر الذي رواه أحمد بسند حسن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً عليه قال: (من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).
أيها الوالد الكريم! تعلم سير الصحابة، وعَلم أبناءك سير الصحابة، لقد آن الآوان لنربوا بأبصارنا إلى هذه القمم إلى هذه القدوات إلى هذه المثل فإن شبابنا الآن قدمت له قدوات فاسدة! ومُثل هابطة! يعلمون الكثير عن هؤلاء الأقزام! في الوقت الذي لا يعلمون فيه شيئاً عن هذه القمم الشماء، وعن هؤلاء الأطهار الخيار الكرام.
تعلم سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عُد من جديد واسمع السيرة اقرأ السيرة اجتهد أن تسأل عن سيرتهم بعد ما حرمت من صحبة أنفاسهم وأجسادهم، ورب ولدك على هذه السيرة؛ لنأخذ العبرة والعظة من ناحية، ولتتدفق من جديد في عروقنا دماء العزة والكرامة، والزهد والورع من ناحية أخرى، التي ضرب لها أروع المثل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
إننا نعيش زماناً قدم فيه التافهون ليكونوا القدوة والمثال، ونعيش زماناً قلت فيه القدوة من ناحية أخرى، آن الآوان لأن ترنوا جميع الأبصار إلى هذه القدوات الطيبة والمثل العليا.
ويجب عليك أن تغار لأصحاب نبيك إذا قرأت كلمة تنبش عرض واحد منهم، يجب عليك أن تغار، دعك من هذه السلبية القاتلة، تقرأ في جريدة أو في مجلة قذرة داعرة دفاعاً مبطناً عن هذا الشيعي المحترق الذي سب أصحاب النبي ولا تفعل شيئاً، اكتب رسالة إلى الجريدة، وعبر فيها عن رأيك، اتصل بالهاتف وعبر عن رأيك، قرأت تحقيقاً صحفياً عن شيوخك وعلمائك ودعاتك فعبر عن رأيك، اكتب خطاباً وأرسل به إلى رئاسة التحرير أو إلى المحررين، المهم أن تنكر هذا المنكر ولا تعجز، اكتب كلمات رقيقة، اكتب كلمات طيبة، ذد عن عرض هؤلاء، ذد عن شرف هؤلاء، ادفع عن عرض هؤلاء الشيوخ والدعاة والعلماء والصحابة قبل ذلك.
فهؤلاء هم رموز الأمة، لا ينبغي أن تسقط هذه الرموز، لا ينبغي أن تشوه صورهم وأن نسكت، عبر بكلمة طيبة لا نريد أكثر من ذلك، المهم أن يعلم هؤلاء الذين يكتبون عبر هذه الصفحات السوداء أن الأمة مع علمائها، وقبل ذلك مع دينها ومع نبيها ومع أصحاب رسول الله، ومع العلماء العاملين والدعاة الصادقين، لابد أن يشعر هؤلاء بهذا.
يا أخي! لا تكن سلبياً، استحلفك بالله أن تكون إيجابياً، تحرك وعبر عن القضية بكلمات رقيقة رقراقة جميلة، فإنني أقول لكم دوماً: لا تخلطوا بين مقام الدعوة ومقام القتال، فمقام الدعوة هو اللين {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل:١٢٥]، {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه:٤٤].
وهذا الذي أطالب به الآن، أدع بالحكمة وباللين، برسالة أو اتصل بالهاتف، تحدث مع مسئول إن كنت تعرفه، تحدث مع صحفي إن كنت تعرفه، نريد أن يصل كماً هائلاً من الرسائل التي تعبر عن حب هذه الأمة لدينها ونبيها وأصحاب رسول الله والعلماء والشيوخ والدعاة الصادقين؛ ليعلم هؤلاء أنهم يحرثون في الماء، أما أن نكون سلبيين إلى هذا الحد، وأن نسمع وننصرف! ونأتي لنسمع وننصرف، ولا شيء يخرج منا على الإطلاق! فهذه سلبية خطيرة، أعوذ بالله من نتيجتها بين يديه تبارك وتعالى.
لا تبرر لنفسك هذه السلبية بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:١٠٥] صديق الأمة قرأ هذه الآية يوماً على المنبر فقال: إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم جميعاً بعقاب من عنده)، وقال في رواية أخرى: (إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده) أسأل الله عز وجل أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم احشرنا في زمرة نبيك الكريم، وصحبه المباركين، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.