ولكن تعالوا بنا لنفخر ولنعلي هذا الإسلام على رءوس الأزمان والأشهاد، فحقٌ لنا أن نفخر بأننا موحدون ننتسب إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
ماذا قال الموحدون في حمل مريم؟ ماذا قال قرآننا عن معنى كلمة:(فحملته)؟ ماذا قال نبينا عن معنى كلمة:(فحملته)؟ ما هو كلام المسلمين المؤمنين، وما هو كلام علمائهم؟ يقول علماؤنا: لا ينبغي لنا أن نلهث وراء كيفية الحمل؛ لأنه لا يعلم كيفيته إلا من أمر به.
انظر إلى الأدب، انظر إلى الكمال والجلال، لا ينبغي لنا أن نلهث، أو أن نبحث، أو أن ندقق في كيفية الحمل، كيف حملت مريم؟! وكيف نفخ جبريل؟! وفي أي مكان نفخ؟! هل نفخ جبريل في فرجها أو جيبها أو كمها أو درعها؟! لا يجب أن نسأل على الإطلاق، لأننا نقر ونعترف أن الذي أراد ذلك هو الله وكل شيءٍ هينٌ أمام قدرته وعظمته وإرادته، قال الله سبحانه وتعالى:{قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً}[مريم:٢١].
انتبهوا معي لهذا الملحظ الجميل في قوله سبحانه:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[النحل:٤٠] إذا أراد الله شيئاً فإنما يقول له:، وانتبهوا معي إلى هذه اللفظة، هذه الكلمة التي تتكون من حرفين: لام وهاء، أن يقول له: كن فيكون، نحن نفهم هذه العبارة وهذه الكلمة، إذا قال له: كن فيكون، كلمة له، تحمل معنى شيء، يعني: قال الله للجدار كن فكان، قال له كن أيها الجدار فكان، قال لهذه السماء كوني فكانت.
قال له: معنى كلمة (له) أنها تحمل معنى شيء وجد، وهذا يلفت أنظارنا إلى أن الله عز وجل يقول: إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن، أي أن هذا الشيء وجد قبل أن يقول الله كن، كلمة له موجود، وبعد ذلك يقول كن، إذاً: هو كان ويكون، دليلٌ على القدرة، والعظمة، والإرادة، قبل أن يقول الله كن إذا أراد الشيء كان، وإن كان هذا الأمر يحدث معي أنا إن كنت من المؤمنين الموحدين ودخلت الجنة، فإن هذا الأمر يحدث معك، فإذا كنت من أهل الجنة واشتهيت فاكهةً معينة، أو طعاماً معيناً قبل أن يتحرك لسانك بطلب هذه الفاكهة، وبطلب هذا الشيء ما عليك إلا أن تقول: سبحانك اللهم، وقبل أن تطلب تجد ما اشتهيته أمام عينيك وبين يديك.
إذا كان هذا أمرٌ لي أنا الإنسان، فكيف سيكون الحال مع خالق الإنسان والأكوان، إذا قال الله: كن لابد أن يكون.
فالله سبحانه وتعالى يقول: فحملته، ما ينبغي لنا أن نسأل، وما ينبغي لنا أن نبحث كيف كان الحمل، وكيف نفخ جبريل، هذا أمرٌ لا يعلمه إلا الله، المهم أننا نعلم أن قدرة الله لا تحدها حدود، فحملته انتهى الأمر {وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً}[مريم:٢١].