للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تصحيح العقيدة هي الخطوة الأولى لتحرير القدس]

الذي ندين الله به يا شباب! أن الخطوة الأولى على طريق تحرير القدس هي تصحيح العقيدة، وتصحيح العبادة، وعودة الأمة إلى الله، وأنا أثق كل الثقة أن الأمة لو لم تمتثل إلا هذا البند، ولو لم تخط إلا هذه الخطوة؛ لالتقينا في الأقصى الكريم بموعود الله وبموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة تنظم كل شئون الحياة، ولا يقبل الله من قوم عملاً إلا إذا صحت عقيدتهم، وحققوا كلمة التوحيد بشمولها وبكمالها.

فالتوحيد هو: أن تصرف الأمة العبادة كاملة إلى الله.

وكلمة التوحيد تلزم الأمة أن تحكم شريعة الله.

وكلمة التوحيد تلزم الأمة بالموالاة لله ورسوله، فتوالي الأمة الله ورسوله والمؤمنين، وتتبرأ الأمة من الشرك والمشركين.

قال الشاعر: أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له ما ذاك في الإمكان وكذا تعادي جاهلاً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان إن المحبة أن توافق من تحـ ـب على محبته بلا نقصان فإذا ادعيت له المحبة مع خلافك ما يحب فأنت ذو بهتان ولو صدقت الله فيما قلته لعاديت من بالله ويحك يكفر وواليت أهل الحق سراً وجهرة ولما تعاديهم وللكفر تنصر فما كل من قد قال ما قلت مسلم ولكن بأشراط هنالك تذكر مباينة الكفار في كل موطن بذا جاءنا النص الصحيح المقرر تصدع بالتوحيد بين ظهورهم وتدعوهم سراً لذاك وتجهر هذا هو الدين الحنيفي والهدى وملة إبراهيم لو كنت تشعر فكلمة التوحيد تستلزم أن ترجع الأمة إلى التوحيد بشموله وكماله، فالتوحيد ليس كلمة فحسب، بل كلمة باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، ففي صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).

قال الحسن: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، فمن قال خيراً وعمل خيراً قُبِلَ منه، ومن قال خيراً وعمل شراً لم يقبل منه.

فلابد من تصحيح العقيدة، وتصحيح العبادة، وتحكيم الشريعة، قال عز وجل {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥] هذه هي الخطوة الأولى بلا نزاع على طريق تحرير القدس، فلن يحرر القدس إلا رجل العقيدة الذي عرف قدر الله، وعظمة الله، وعلم يقيناً أنه كله لله، وامتثل عملياً قول الله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣].

فلن يحرر القدس إلا رجل العقيدة الذي استقر في قلبه مفهوم الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، واستقر في قلبه مفهوم البراء من الشرك والمشركين، وراح يحول في قلبه وواقعه ومنهج حياته قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:٥١]