للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية صلاح القلوب]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده رسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة الطيبة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وطبتم وطاب ممشاكم أيها الإخوة والأخوات، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله الكريم جل وعلا الذي جمعني بكم في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك ومولاه.

أحبتي في الله: "قلوب الصالحين"، هذا هو عنوان محاضرتنا مع حضراتكم في هذه الليلة الكريمة الطيبة، وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا، فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الجليل الرقراق في العناصر المحددة التالية: أولاً: أهمية الموضوع وخطورته.

ثانياً: صفات قلوب الصالحين.

وأخيراً: كيف نحقق صلاح القلوب.

فأعيروني القلوب والأسماع، والله أسأل أن يرزقنا وإياكم الصلاح والتقى والعفاف والغنى، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال.

أولاً: أهمية الموضوع وخطورته.

أيها الأحبة: الأحداث متلاحقة، والفتن كقطع الليل المظلم، يرقق بعضها بعضاً، والأمة كلها الآن قد تسربلت بسربال من الدماء والأشلاء، وأخشى ما أخشاه أن ينسى كل مسلم منا نفسه وسط هذه الأحداث المتلاحقة، وألا يفتش في حاله مع ربه تبارك وتعالى، مع أنها الخطوة العملية الأولى على طريق النصر والتمكين، لذا أرى أنه من الواجب على العلماء وطلبة العلم ألا يملوا من طرح هذه الموضوعات التي تجدد الإيمان في القلوب.

وأنا أدين الله تبارك وتعالى بأنه لا مخرج لهذه الأمة من هذه الأزمة الطاحنة إلا بقلوب سليمة تعرف ربها جل وعلا، إذ إن الأمة الآن لا ينقصها المال، ولا ينقصها السلاح، ولا تنقصها العقول والأدمغة التي تفكر وتخطط وتبدع، ولا ينقصها الاقتصاد، ولا ينقصها المناخ، بل ولا ينقصها الموقع الاستراتيجي، لكن ينقصها أن تعرف ربها جل وعلا، وأن تجدد الإيمان به والثقة فيه، والتوكل عليه سبحانه وتعالى.

فأنا أكرر وأقول: الإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة تنظم كل شئون الحياة، ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم، لذا فإننا إن طرحنا الليلة موضوع القلوب فما أبعدنا النجعة، وما انحرفنا وانجرفنا وانصرفنا عن واقع الأمة النازف أبداً!