للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام ومعناه إجمالاً

سألخص لكم -أحبتي في الله- مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك: أولاً: اعلموا أن دين الله عز وجل الذي أنزل به كتبه, وبعث به رسله ورضيه لأهل سماواته وأرضه هو الإسلام: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ} [آل عمران:١٩] {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:٨٥].

هذا الإسلام العظيم قولٌ وعمل, قول باللسان وبالقلب، وعمل باللسان وبالقلب، وبالجوارح.

أولاً: قول اللسان, وهو النطق بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم, والأدلة على ذلك من القرآن والسنة كثيرة -ولله الحمد والمنة- كما في قول الله جل وعلا في سورة البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة:١٣٦]، وقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت:٣٠] إلى آخر الآية.

وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى) , هذا عن قول اللسان.

ثانياً: قول القلب: وهو التصديق والإيقان وعدم الشك كما في الآية التي معنا في سورة الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات:١٥] وكما في قول الله جل وعلا: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر:٣٣] وكما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار) هذا عن قول القلب.

ثالثاً: عمل اللسان والجوارح معاً: كتلاوة القرآن، وذكر الله جل وعلا، والتسبيح، والصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والجهاد، وسائر الطاعات التي لا تؤدى إلا بالجوارح والأعضاء, كما في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:٤١ - ٤٢] وكما في قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج:٧٧ - ٧٨] هذا عن عمل اللسان والجوارح.

رابعاً: عمل القلب: وهو النية، والإخلاص، والتوكل، والإنابة، والانقياد، والمحبة، والتفويض، والرجاء إلى آخر الأعمال التي لا تؤدى إلا بالقلب.

هذا هو عمل القلب.

وبالجملة: فإن القلب هو الأصل، وهو الملك، ولو استقام هذا الملك لاستقامت الجنود والرعايا, وإذا صلح القلب صلح البدن كله، وإذا فسد القلب فسد البدن كله, كما في حديث النعمان بن بشير الذي رواه البخاري ومسلم وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).

إذاً: الإسلام قول وعمل، قول باللسان وبالقلب، وعمل باللسان وبالقلب وبالجوارح.