للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طريقة العلاج من المس الشيطاني]

السؤال

أنا فتاة على خلق والحمد لله، وأرتدي الحجاب الشرعي، وأحافظ على الصلاة وعلى مجالس العلم في أحيان كثيرة، لكن يحدث لي شيء غريب وهو أن بي مساً من الجن، علماً بأنني ذهبت إلى كثير ممن يدعون المعرفة بالقرآن فوجدتهم على غير ذلك، وأتمنى أن توضح لي الحل في نقاط محددة لأتبعها وجزاك الله خيراً.

الجواب

أنصح كل من ابتلي بمس الجن -بمس الشيطان- أو بالسحر أن يحافظ على الرقية الشرعية، وليس بالضرورة أن يذهب إلى المعالجين أو إلى من نصبوا أنفسهم للعلاج.

وأيضاً أنصح كل من نصب نفسه للعلاج أن يخشى على نفسه وعلى قلبه، ووالله العظيم إنه فتنة، ولا أود بذلك أن أقول: اتركوا، وإنما أنصح المريض ابتداءً أن يحرص على أن يرقي نفسه بنفسه بعد تحقيق تمام التوكل على الله عز وجل، ولو اجتمع أهل الأرض لرقيه وهو بعيد عن التوكل وعن اليقين فلن ينفعه ذلك على الإطلاق.

فلو أن أختاً مصابة بمس من الشيطان وهي لا تصلي فلو قرأ عليها محمد حسان وأبو إسحاق ومصطفى العدوي ومحمد يعقوب وغيرهم فلا فائدة؛ إذ لابد من تحقيق التوحيد، ولابد من أن تحقق الأخت الفاضلة وكل أخت حقيقة التوكل على الله عز وجل.

إذاً: لنعلم أولاً أن الشيطان لا سلطان له على المخلصين، فقد يؤذى الإنسان، وقد سحر النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد المخلَصين وسيد الذاكرين ابتلاءً؛ ليبين الله عز وجل لنا بشرية النبي من جانب؛ وليبين الله لنا العلاج لهذا الداء من جانب آخر.

فنقول: العلاج بخطوات كالتالي: الأمر الأول: المحافظة على الصلوات، فلابد من المحافظة على الصلوات وترك الجلسة أمام التلفزيون ليلاً ونهاراً.

الأمر الثاني: المحافظة على الأذكار: أذكار الصباح والمساء، فهي أمر في غاية الأهمية، وقد يستهين بها كثير من الإخوة والأخوات ولترجع -مثلاً- لكتاب رياض الصالحين، أو القصاصات التي تباع فيها الأذكار: أذكار الصباح والمساء، احفظ أي نوع من أنواع الذكر، وليس بالضرورة أن تحفظ الأذكار كلها، لكن احفظ شيئاً من الأذكار كأذكار الصباح وأذكار المساء، ولابد أن يكون لسانك رطباً بذكر الله عز وجل.

الأمر الثالث: المحافظة على الورد اليومي من القرآن.

الأمر الرابع: المحافظة على قيام الليل، فصلاة الليل تحفظك بإذن الله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة عن السيئات، ومنهاة عن الإثم) فالصلاة بالليل تنهاك عن الآثام، وتحثك البعد عن الآثام، وهي قرب من الرحمن، فهي طاعة يتقرب بها إلى الله.

الأمر الخامس: المحافظة على الوضوء، والأعظم من كل هذا: أن تحقق التوكل على الله، وأن تعلم يقيناً أن الضار والنافع هو الله، قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:١٠٢] فالضار النافع هو الله ولا يقع شيء في الأرض إلا بإذنه وأمره جل وعلا.

الأمر السادس: قراءة سورة البقرة، فإن عجز عن قراءة سورة البقرة فعن طريق شريط الكاست، فتقرأ في البيت كل ثلاثة أيام مرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خذوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة)، يعني: السحرة.

الأمر السابع: قراءة آية الكرسي، فالذي يقرأها بالليل لا يزال عليه من الله حافظ حتى يصبح، ومن قرأها الصبح لا يزال عليه من الله حافظ حتى يمسي، وقراءة أواخر سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة:٢٨٥] إلى آخره: (من قرأ آيتين من أواخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) أي: من كل هم وغم وجور.

الأمر الثامن: أكل سبع تمرات من تمر العالية وهي منطقة في مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من تصبح بسبع تمرات من تمر العالية لا يصيبه في هذا اليوم سم ولا سحر).

الأمر الثامن: الصبر.

فسيدنا أيوب -على الراجح من أقوال أهل العلم- بقي مريضاً ستة عشر سنة، والابتلاء له ثلاث درجات: الدرجة الأولى: للتمحيص: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:٢ - ٣].

إذاً: المرتبة الأولى من مراتب الابتلاء: التمحيص.

المرتبة الثانية من مراتب الابتلاء: التطهير: (ما من مسلم يصيبه أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) إذاً: الابتلاء مع الصبر طهارة من الذنوب.

المرتبة الثالثة من مراتب الابتلاء: رفع الدرجة؛ لأن الله قد ابتلى نبيه المصطفى؛ لرفع الدرجة، قال تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح:٢] والابتلاء للنبي صلى الله عليه وسلم رفع لدرجته.

إذاً: الابتلاء إما أن يكون للتطهير، وإما أن يكون للتمحيص، وإما أن يكون لرفع الدرجة، فاصبر فأنت على خير في كل أحوالك، فإذا ابتلي إنسان ورقى نفسه ولم يقدر الله له الشفاء؛ فلا يتعجل ولا ييأس من المداومة والمواظبة على الرقية، بل يجب عليه أن يستمر على ذلك، وأن يصبر، ونسأل الله أن يرفع البلاء عن السائل وعن كل مرضى المسلمين من الرجال والنساء، إنه على كل شيء قدير.

وهناك رسالة في الوقاية من الشيطان للشيخ الفاضل مصطفى العدوي فيها ما ذكرت وزيادة، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنه ومن جميع إخواننا صالح الأعمال.