قال عز وجل:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}[ق:١٩]، والحق: أنك تموت، والله حي لا يموت، والحق: أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، والحق: أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران.
وقوله عز وجل:{ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق:١٩] أي: ذلك ما كنت منه تخاف، ذلك ما كنت منه تهرب، فكيف تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض، وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع، وتحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ، ثم ماذا أيها القوي الفتي؟! أيها الذكي العبقري! يا أيها الوزير والأمير والكبير! ويا أيها الصغير والفقير والحقير! كلكم كما قال الشاعر: كل باكٍ فسيُبَكى كل ناعٍ فسيُنعى كل مدخور سيفنى كل مذكور سيُنسى ليس غير الله يبقى من علا فالله أعلى وقال الشاعر الآخر: أيا من يدعي الفهم إلى كم يا أخا الوهم! تعب الذنب والذم وتخطي الخطأ الجم أما بان لك العيب؟! أما أنذرك الشيب؟! وما في نصحه ريب ولا سمعك قد صم أما نادى بك الموت؟! أما أسمعك الصوت؟! أما تخشى من الفوت؟! فتحتاط وتهتم فكم تسدر فى السهو وتختال من الزهو وتنفض إلى اللهو كأن الموت ما عم! كأني بك تنحط إلى اللحد وتنغط وقد أسلمك الرهط إلى أضيق من سم هناك الجسم ممدود ليستأكله الدود إلى أن ينخر العود ويمسي العظم قد رم فزود نفسك الخير ودع ما يعقب الضير وهيئ مركب السير وخف من لجة اليم بذا أوصيك يا صاح! وقد بحت كمن باح فطوبى لفتى راح بآداب محمد يأتم