للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة مشيه صلى الله عليه وسلم والتفاته]

كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب يعني: كأنه حجر كبير نازل من فوق، وكان إذا التفت التفت جميعاً يعني: كان لا ينظر من طرف بل كان يلتف كله، وهذه من علامات التواضع، فأنت إذا نادى عليك أحد فلا تنظر من طرف، (ثاني عطفه) لا، بل التفت بكليتك على من يناديك كما كان يفعل الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن تواضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأتي الصحابي ويركبه وراءه على حمار واحد، تواضع ما بعده تواضع، تجد الواحد في عصرنا وفي زمننا راكب عربية أو طيارة وهو راكب في الكرسي الخلفي لوحده، ويستعظم أن يركب معه شخص آخر! وهذا حمار يركبه النبي صلى الله عليه وسلم ويردف وراءه الفضل بن العباس، وكذلك عبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل يقول: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل).

وكان صلى الله عليه وسلم يخفض طرفه، يعني: كان نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، انظر إلى تواضعه صلى الله عليه وسلم!.

فأنت أيها المسلم! انتبه لا تتعال ولا تتبختر، كن متواضعاً، كن ذليلاً لله، اللهم ارزقنا الذل لك، كن منكسراً لله حتى يرفعك الله؛ لأنه من تواضع لله رفعه، فإذا منّ الله عليك بمال فتواضع كثيراً، وإذا من عليك بعلم فانكسر واخضع له سبحانه، وإذا من عليك بحب في قلوب العباد فقل: يا رب سلم سلم، يا رب أحسن الخاتمة، احذر الغرور بالنفس، فالنفس أمارة بالسوء كما قال الله: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف:٥٣] اجعلها دائماً ذليلة لله، كلما تحدثك بأمر فيه خطر فقل لها: لا، فلا غرور، لا عجب، لا كبر، ولا تمتن على الناس، يقول الله عز وجل: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات:١٧]، {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} [النساء:٩٤].