روى الطبري بسند حسن:(أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول وقال له المصطفى صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله! هل سمعت ما قال أبوك؟! فقال عبد الله: وماذا قال بأبي أنت وأمي يا سول الله؟! فقال المصطفى: قال أبوك: لئن رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل -يذكر رأس النفاق أنه سيخرج من المدينة رسول الله، وهو الذي قال قولته الخبيثة: سمن كلبك يأكلك- فقال عبد الله: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! فوالله لأنت الأعز وهو الأذل)! انظروا إلى المفاصلة! وقفوا على الفرقان: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة:٢٢].
قال عبد الله رضي الله عنه:(بأبي أنت وأمي يا رسول! فوالله لأنت الأعز وهو الأذل! ثم قال: يا رسول الله! والله لقد قدمت يثرب ولا يعلم أحد من أهل يثرب أن هناك من هو أبر بأبيه مني، أما وقد قال ما قال، لتسمعن ما تقر به عينك يا رسول الله! وأخذ عبد الله السيف وانطلق إلى ناصية المدينة، فلما أقبل أبوه وقف له ولده ورفع السيف في وجهه وقال: إلى أين؟! قال: إلى بيتي إلى المدينة، فقال عبد الله: والله لا يأويك ظلها -يعني: المدينة- ولن تبيت الليلة في دارك إلا بإذن من رسول الله؛ لتعلم من الأعز ومن الأذل! إنه الفرقان إنها المفاصلة فصرخ رأس النفاق: يا للخزرج! يا للخزرج! ابني يمنعني داري! وأبى عبد الله أن يأذن لوالده فانطلقت الرسل إلى خير رسل الله في الأرض إلى المصطفى: يا رسول الله! قد حدث كيت وكيت وكذا وكذا، فأرسل صاحب الخُلق الرفيع إلى عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول وقال له: يقول لك رسول الله: ائذن لأبيك، فقال عبد الله: أما وقد جاءك الإذن من رسول الله فلتدخل الآن لتعلم من الأعز ومن الأذل) إنه الفرقان!