وأخيراً: أوجه هذا النداء لكل من ارتكب هذه الفاحشة، ولكل من ارتكب هذه الكبيرة، أذكره بهذا النداء الندي الرخي، وبهذا النداء العلوي الرباني الذي يسكب الأمل في القلوب سكباً، الذي يرد البسمة إلى الشفاه، ويرد الأمل إلى القلوب، ويرد الدمعة الحزينة الدائبة إلى العيون، اسمع لنداء ربك الذي خلقك، وهو الذي يعلم ضعفك، وهو الذي يعلم عجزك، وهو الذي يعلم فقرك، وهو الذي يعلم أنك قد تضعف وتزل في وقت من الأوقات، وبالرغم من ذلك ينادي عليك من سمائه وعليائه جل وعلا ويقول:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:٥٣].
أيها العاصي! أيها المذنب! تب إلى الله جل وعلا، واعلم أن الأصل في الكبائر هو التوبة، وهذا من أروع ما سطره شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: إن الأصل في الكبائر هو التوبة ما لم يرفع أمرك إلى ولي الأمر المسلم.
أسأل الله أن يرزق الأمة ولي الأمر المسلم الذي يحكم الأمة بكتاب الله وبشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن لم يرفع أمرك إلى ولي الأمر المسلم فما عليك إلا أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تلجأ إلى الله، وأن تقلع عن الكبيرة وعن المعصية، وأن تندم على فعلها، وأن تكثر من العمل الصالح والبكاء بين يدي العزيز الجليل جل وعلا، فإن قبل الله جل وعلا منك التوبة سعدت في الدنيا وأسعدك الله بالتوبة الصادقة في الآخرة، فهيا أيها المسلم، وهيا أيتها المسلمة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التحريم:٨].