للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم النبي صلى الله عليه وسلم في يهود بني قريظة وسبب ذلك]

وبعد ذلك أيها الأحبة! لعب يهود بني قريظة دوراً قذراً حقيراً داخل المدينة، فلقد حاصر الأحزاب المدينة من كل ناحية، وفي وقت حرج خطير نقض يهود بني قريظة العهد؛ فشكلوا تحدياً خطيراً للجبهة الداخلية في المدينة، فلما علم الرسول والمسلمون بذلك زُلزلوا زلزالاً عظيماً، حتى قام النبي يرفع يديه إلى الله، ويتضرع إليه بدعاء حار، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: قام النبي يلجأ إلى الله ويقول: (اللهم منزل الكتاب! سريع الحساب! اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم).

واستجاب الله دعاء حبيبه المصطفى؛ فأرسل الله جنوداً من عنده، ويا لها من قوة لا يعرف المسلمون إلى الآن قدرها! في زيارة لي إلى أميركا هاجت عاصفة من الريح فرفعت هذه العاصفة السيارات إلى عمارات في الطابق الرابع، قال القوي العزيز: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:٣١]، ولكن المسلمون اليوم يخططون ويضعون الخطط السنوية والخطط الخمسية، ولكنهم يركعون للشرق والغرب! ولا يضعون ضمن خططهم أبداً قوة الملك جل جلاله!! أرسل الله على الأحزاب جنداً من الريح فاقتلعت خيامهم، وكفأت قدورهم، وأنزل الله الملائكة فألقت الرعب في قلوب الأحزاب، فتبعثروا في الصحراء كتبعثر الفئران! ونصر الله عبده، وأعز الله جنده، وهزم الله الأحزاب وحده، وانتهت المؤامرة، ونزل جبريل على النبي وهو لابس لباس الحرب، فقال جبريل عليه السلام: (يا رسول الله! أوقد وضعت لباس الحرب؟! فوالله! إن الملائكة لم تضع لباس الحرب بعد؛ فإني سائر أمامك الآن، قم -يا رسول الله! - بمن معك إلى يهود بني قريظة، فإني سائر أمامك أزلزل حصونهم، وأقذف الرعب في قلوبهم -والحديث في الصحيحين- فقام المصطفى وأرسل منادياً أن ينادي في الناس: من كان طائعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة).

فانطلق الصادقون المؤمنون من أصحاب سيد النبيين صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، فحاصروا يهود بني قريظة حصاراً طويلاً، وأخيراً نزل اليهود المجرمون على حكم سعد بن معاذ الذي حكم فيهم بقتل الرجال، وسبي الذرية، وتقسيم الأموال، فلما حكم فيهم سعد بن معاذ بذلك التفت إليه المصطفى وقال: (لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات) وهكذا أخزى الله يهود بني قريظة.