أيها الأحبة الكرام! ما أحوج الأمة في هذه الأيام، وفي هذا اليوم العظيم الكريم أن تتعلم هذا الدرس الكبير -درس التضحية والفداء- من خليل الله إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
إن إبراهيم عليه السلام قد قدم للبشرية كلها أغلى وأعلى دروس التضحية والفداء، نعم أيها المسلمون! إننا اليوم أمام موقف فريد في تاريخ البشرية، إننا أمام موقف من أعظم مواقف الإيمان، وأروع وأنبل مشاهد الطاعة وأعظم لحظات الاستسلام والانقياد لله جل وعلا.
أيها الأحبة الكرام: تعالوا بنا اليوم لنتعلم من خليل الله إبراهيم هذا الدرس الكبير من دروس التضحية والفداء، فهاهو إبراهيم عليه السلام يتضرع إلى الله جل وعلا أن يرزقه ولداً صالحاً بعدما عزم على أن يهجر الوطن والأهل؛ لأن قومه قد أصروا على عبادة الأوثان بعدما رأوا الآية الكبرى والمعجزة العظمى، بعدما نجى الله خليله من النيران، ومع ذلك عزم القوم على عبادة الأوثان، وهنا قال إبراهيم:{إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي}[العنكبوت:٢٦] وقال: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الصافات:٩٩]، وتضرع إلى الله أن يرزقه ولداً صالحاً ليعينه على هذا الأمر العظيم، فقال:{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات:٩٩ - ١٠٠].
واستجاب الله جل وعلا دعاء خليله إبراهيم، فبشره بغلام حليم:{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}[الصافات:١٠١] وتنزلت البشارة على قلب الخليل كتنزل حبات الندى على الزهرة الظمأى والأرض العطشى، فطالما تطلع إبراهيم إلى هذا الغلام الذي يشهد له ربه جل وعلا بأنه حليم.