إن العالم اليوم أيضاً محروم من طمأنينة النفس، وانشراح الصدر، وراحة البال.
لماذا؟ لأن النفس البشرية يا أحبابي إن حرمت من انشراح الصدر، وطمأنينة النفس، وهدوء البال، واستقرار الضمير، لا تستلذ بعيشٍ ولو كان رخياً، ولا تهنأ بثوب ولو كان فاخراً، ولا بمركب ولو كان فارهاً؛ لأن الأصل هو انشراح الصدر، فإننا نرى كثيراً ممن منّ الله عليهم بالمال وبالمناصب وبالكراسي يعيشون في حالة رعب وضيق وعدم توازن.
لماذا؟ يقول الحسن:[إنهم وإن طقطقت بهم بالبغال، وهملجت البراذين، فإن ذل المعصية في وجوههم، يأبى الله إلا أن يذل من عصاه] أما قرأت قول الله: {فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}[طه:١٢٣ - ١٢٧] ليست السعادة في الكراسي والمناصب، ولا السعادة في الأموال، ولكن السعادة كل السعادة في انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، واستقرار الضمير، وهدوء البال، لذا امتن الله على رسوله بهذه النعمة الكبيرة في قوله:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[الشرح:١].
النفس تجزع أن تكون فقيرة والفقر خير من غنىً يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيها
هي القناعة فالزمها تكن ملكا لو لم تكن لك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
أقول: السؤال الأخير أيها الأحباب هو: هل حقق منهج الله الذي نتغنى به الآن في فترة من الفترات الأمن والأمان، والرخاء والاستقرار، وانشراح الصدر وسعادة القلب وطمأنينة البال؟ والجواب بملء فمي: نعم.