للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السبب الثالث: الإعلام]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة؛ فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! السبب الثالث: الإعلام، وما أدراك ما الإعلام، فإن القائمين على الإعلام لا يرقبون في المؤمنين إلاً ولا ذمة، وأستطيع أن أعلن بكل ثقة واطمئنان أن الناظر إلى الخريطة الإعلامية المقدمة سيخرج بهذه النتيجة الحتمية دون لف أو دوران، ألا وهي أن هذه الخريطة في الجملة تعزف على وتر الجريمة، والعنف، والجنس، كم عدد الأفلام التي تعرض للراقصات؟ كم عدد الأفلام التي تعرض للفاحشة في أدق التفاصيل؟ كم عدد الأفلام التي تعرض للعزف على وتر الجريمة؟ وللعزف على وتر (الفهلوة) ليتعلم الأبناء والبنات.

يجلس الطفل المسكين أمام التلفاز، أو حتى الشاب، فيرى ممثلاً ساقطاً هابطاً لا يجيد إلا أدوار العنف والقذارة والجريمة، هذا هو دوره، وفي فيلم آخر أو مسلسل جديد يرى نفس المجرم يلبس العباءة، وقد ركب لحية، وأمسك المسبحة، ويتمتم بآيات القرآن، وبحديث النبي عليه الصلاة والسلام، فيرى الطفل أو الشاب هذا الممثل في هذا الدور، وهو بالأمس القريب رآه في فلم آخر يمثل دور الجريمة والفاحشة، فتختل في قلوب أبنائنا وبناتنا الفضيلة، وتستوي الفضيلة مع الرذيلة، ويستوي الحلال مع الحرام، والحق مع الباطل، لم يعد يفرق بين أي الشخصيتين يختار.

وفي وسط هذا الغثاء حديث الروح بالموسيقى، أو بعده فاصل من الرقص الراقي الذي يسمى بفن الباليه، أو بفن البلاء، تخرج فيه المرأة وهي شبه عارية، التمجيد للممثلين والممثلات واللاعبين واللاعبات في كل مناسبة، يقدم هذا الممثل على أنه فاتح وبطل، فيتمنى الطفل الصغير أن لو كان قدوته يتمثل في هؤلاء.

غياب القدوة أمر خطير، خريطة إعلامية معلنة، ونعتقد أن جهاز التلفاز من أخطر الوسائل للدعوة إلى الأفكار، لو استغل استغلالاً يرضي العزيز الغفار لرأينا العجب العجاب، فليتقِ الله القائمون على أمر الإعلام، كل مسلم يستطيع أن ينكر، لكن الأمة تبلدت مشاعرها وأحاسيسها بصورة تقتل، حتى الكلمة بخلنا بها، ارفع سماعة الهاتف واتصل بوزير الإعلام، وإن كنت مسئولاً اتصل على مخرج البرامج، اتصل على أي مسئول وذكره بالله، قل كلمة لعل الله أن يحول قلبه، وما يدريك، المهم أن تصنع شيئاً، دعونا من هذه السلبية القاتلة.

والله لو أن هذا الجمع تكلم كل واحد فيه كلمة، وأنا أقول: بالحكمة والرحمة وبالكلمة الرقراقة الرقيقة البسيطة المتواضعة، لا نطلب أكثر من ذلك، ومع ذلك يبخل المسلم وتبخل المسلمة، اكتب رسالة، وعوِّد نفسك على أن تعبر عن الحق بأي سبيل، إما عن طريق الهاتف، أو عن طريق الزيارة، أو عن طريق المكاتبة، بأي سبيل من هذه السبل عبر عن رأيك، انصح هؤلاء: (الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول لله؟! قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم) انصح وابذل النصيحة لعل الله أن يجري الخير على يديك.

فالإعلام سبب خطير من الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الحالة من التفسخ والضياع، انظر إلى عدد الإعلانات الملصقة بالألوان بالأحجام الضخمة للراقصين والراقصات، تثير الشهوات الكامنة، وتستثير الغرائز الهاجعة.