للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صدود الكفار بأموالهم هو حسرة عليهم]

ويشرق علينا نور البشارة الثالثة من سورة الأنفال، ويا لها والله من بشارة! يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال:٣٦] هل تصدقون الله رب العالمين؟! إنه كلام الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] لتتم هنالك إن شاء الله تعالى حسرتهم الكبرى.

أيها الأحبة: كم من أموالٍ أنفقت لتنصير المسلمين؟ وكم من أموال أنفقت للقضاء على طلائع الصحوة؟ وكم من أموال أنفقت لتقويض صرح الأسرة المسلمة، ببث الأفلام الداعرة والمسلسلات الفاجرة؟ وكم من أموال أنفقت على أندية الروتر العالمية؟ وكم من أموال أنفقت على أندية الماسونية العالمية؟ وكم من أموال أنفقت بالجملة لإخراج المسلمين عن إسلامهم؟ ولكن ما هي النتيجة؟ النتيجة بموعود الله {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال:٣٦] وعلى أرض الواقع جسدت هذه المعاني العظيمة وثيقة للتنصير الكنسي التي صدرت عبر مائة وخمسين صفحة، وأجريت خلال خمس سنوات، ونشرتها لأول مرة جريدة " نيويورك تايمز إنترناشيونال " في عددها الصادر في شهر يناير لعام (١٩٩١م) وفي هذه الوثيقة يصرخ بابا الفاتيكان جنبلي الثاني، وينادي على المسحيين -على حد تعبيره وإلا فهم النصارى- ويأمرهم بالوقوف صفاً واحداً أمام الزحف الإسلامي الهائل في بلاد أوروبا على الرغم من أنك لو فتشت لوجدت الجهود المبذولة لدين الله لا تساوي شيئاً على الإطلاق، ولكنه دين الفطرة.

ولا أدري هل تابع أحدكم هذا الخبر أم لا؟ فقد نشرته جريدة بريد الإسلام التي تتابع أخبار الإسلام والمسلمين في بلاد الغرب، نشرت خبراً عجيباً في حديقة (الهايفبارك في بريطانيا وفي إنجلترا) هذه الحديقة تضم كل المآسي.

وجاء بعض الشباب المسلم العاقل الواعي، الذي تحتاج الأمة إليه الآن، وينظر إلى الأمور كلها نظرة واعية دقيقة، ليعيش العصر بالقرآن والسنة، فقالوا: لماذا لا نتخذ ركناً في هذه الحديقة لندعو هذه الجموع إلى الإسلام؟ لماذا لا نعرف هؤلاء بالإسلام؟ وبكل أسف حضرت مؤتمراً في " دتريت " ودعي إلى هذا المؤتمر رئيس تحرير جريدة " نيويورك تايمز إنترناشيونال "، وقال هذا الرجل كلمةً حتى وإن كانت خبيثة آلمت قلبي وقلب كل مسلم حين ذاك، يوم أن قال: أيها المسلمون! أنتم تعلمون أن صورة الإسلام مشوهة في الشرق وفي الغرب بصفة خاصة، لكن هل بذلتم الجهود لتظهروا الصورة الحقيقية لإسلامكم؟ عار وشنار على مليار مسلم، تبذل الأموال الطائلة في أمورٍ تافهة، ولا تُبذل لتبني هذه القضية عبر هذه الوسائل الإعلامية العالمية؛ لنبين صورة الإسلام المشرقة التي شوهت ولوثت ومسخت، على أن الإسلام دين العدل والرحمة، والأمن والأمان.

وما يوصم به الإسلام الآن من رعب وإرهاب وتطرف؛ فإن الإسلام بريء منه كبراءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب.

أيها الأحبة الكرام: هذه الأموال الطائلة التي تنفق وبالرغم من ذلك ينتصر دين الله عز وجل ويمتد، فوقف هؤلاء الإخوة في هذه الحديقة وأرادوا أن يبينوا للناس الإسلام، فقام قسيس ليرد على هذا الأخ المبارك البريطاني المسلم، ولما ضعفت حجته لجأ إلى الأسلوب الآخر المعروف، ألا وهو السب والشتم والتسفيه، فسب هذا القسيس رب العزة والنبي محمداً صلى الله عليه وسلم.

سبحان الله! هذا نصرٌ غيبي يرسله الله من آن إلى آخر ليطمئن القلوب القلقة، فيقول الخبر: يصاب هذا القسيس بدورانٍ شديد ويسقط على الفور مغشياً عليه، فلما اقتربوا منه وجدوه قد هلك، وقد فارق الحياة، فاقترب رئيس الشرطة الذي كان مكلفاً بحراسة هذا الجمع من هذا الأخ المبارك، وقال له: أربك قويٌ بهذه الصورة؟! فقال له: ولكن اعلم أن الذي قدّر هذا قد يُقدِّر أن يقول غير هذا أكثر مما قال هذا، ولا يفعل به بمثل ما فعل بهذا، حتى لا نعتمد على مثل هذه الأمور: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:٦٢].

لا بد من أن يبذل المسلمون سبل النصر: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦].

وأختم البشائر القرآنية بهذه البشارة في سورة الصف، يقول جل وعلا: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:٨ - ٩] لا بد من إظهار الدين، هل يضر السماء نبح الكلاب؟! وهل تستطيع جميع الأفواه وإن اجتمعت أن تطفئ نور الله في السماء؟ وهل تستطيع الطحالب الحقيرة أن توقف سير البواخر العملاقة على سطح الماء؟ لا والله أبداً: {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:٨] وعد الله عز وجل.