أحبتي في الله! لقد نشأ النبي صلى الله عليه وسلم في بيئة شركية تصنع الحجارة بيدها وتعبدها من دون الله جل وعلا، فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم هذه البيئة وانطلق بعيداً على قمة جبل النور إلى غار حراء، يقضي الليل في التعبد والتبتل والتضرع، ويقضي النهار في التأمل والتفكر والتدبر، وفي ليلة كريمة من ليالي شهر رمضان المبارك يتنزل الوحي على قلب النبي صلى الله عليه وسلم كتنزل حبات الندى على الزهرة الظمأى والأرض العطشى، يتنزل جبريل بكلام الملك الجليل، بقول الله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق:١ - ٥].
ويرجع النبي بهذه الكلمات يرجف فؤاده وتضطرب جوارحه، ويقول لـ خديجة رضي الله عنها:(زملوني زملوني، والله لقد خشيت على نفسي يا خديجة)، فترد عليه رمز الوفاء وسكن سيد الأنبياء لتقول له: كلا والله لا يخزيك الله أبداً.
وتبدأ المرحلة الأولى من مراحل الدعوة إلى الله تعالى، فيقوم النبي يدعو إلى الله سراً، فالأمر جد خطير، فللأصنام جيوش من الغضب، وهي مستعدة لنحر من يعتدي عليها أو يصيبها بأذى.
فهؤلاء قوم يذبح بعضهم بعضاً من أجل ناقة، فما ظنك بما سيفعلونه من أجل آلهة يذبحون لها آلاف النياق!