الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! هل امتثلت الأمة أمر الله فتأدبت مع رسول الله، فوقرت النبي، وأجلت النبي، وعظمت النبي، فامتثلت أمره، واجتنبت نهيه، ووقفت عند حدوده، واتبعت سيره وطريقه صلى الله عليه وسلم؟ والجواب بملء الفم: لا، والواقع خير شاهد على جوابي، وهذا هو العنصر الثالث من عناصر اللقاء.
إن واقع الأمة خير شاهد على أن الأمة لم تمتثل أمر الله وأمر رسوله، أمة تدعي أنها تحتفل برسول الله في شهر ربيع في الوقت الذي نحت فيه شريعته، وسخرت فيه من سنته! هل هذا حب؟ هل هذا احتفال؟ أمة يتغنى أبناؤها ابتداءً من علية القوم وسادة الناس في شهر ربيع على شاشات التلفاز بالندوات والمحاضرات والموالد، وتدعي أنها تحب رسول الله، وتحتفل برسول الله، وتكرم رسول الله، في الوقت الذي نحت سنته، وعطلت شريعته، أين السنة؟ أين شريعة رسول الله؟ هل تعلمون أن الأمة الآن قد حكمت في الأموال والأعراض والدماء والفروج القوانين الوضعية الفاجرة الجائرة، وعطلت شريعة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ الله عز وجل يقول في قرآنه:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور:٢]، فعرض قانون الله على مجلس الشعب، فماذا قال مجلس الشعب الموقر؟ قال مجلس الشعب الموقر: لا، هذا قانون لا نأخذ به ولن نعمل به، لماذا؟ قالوا: لأنه قانون وحشي، لأنه قانون فيه تعسف وظلم.
فما قانونكم الذي تريدون أن تحكموه في الأعراض؟ قالوا: إن تم الزنا بين الرجل والمرأة بالتراضي خفف الحكم، وإن تدخل زوج الزانية وتنازل عن القضية فلا يجوز للقاضي أن يدخل في القضية حكماً، وتصبح المتهمة بريئة، ويصبح المتهم بريئاً من الفور وعلى الحال! هذا قانونهم؛ وذاك هو قرآننا وتشريعنا.
هذا مثال واحد أضربه لحضراتكم؛ لنبين لكم أن الأمة قد نحت الشريعة قد عطلت كتاب الله قد عطلت سنة رسول الله وحكمت قانون نابليون وقانون البيت الأبيض، وقانون البيت الأحمر، وقانون البيت الأسود، واستبدلت بالعبير بعراً، وبالثريا ثرى، وبالرحيق المختوم حريقاً محرقاً مدمراً.
أين الأمة من دماء تسفك، وأشلاء تمزق، وأعراض تنتهك، ومقدسات تدنس وهي تغني لرسول الله؟!!