وهذا من الحقوق الكبيرة التي ضاعت من حقوق الأخوة، روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله! عرفنا كيف ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: أن تكفه عن الظلم فذاك نصره) إن وجدت أخاً من إخوانك مظلوماً، وكنت قادراً على نصرته انصره، وإن وجدت أخاً من إخوانك ظالماً انصره بكفه عن الظلم، ولو ضاع هذا الحق غرقت سفينة المجتمع، واستشرت المنكرات.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في صحيح البخاري من حديث النعمان:(مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فلو تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعاً، ولو أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً).
فيجب على الأخ أن يأخذ على يد أخيه، وأن ينصره إن كان ظالماً أو مظلوماً لتنجوا سفينة المجتمع، وإلا لهلكت السفينة، وهلك الصالحون مع الطالحين، فلا تظن أن الذين سينجون هم الصالحون فحسب! لا.
أو أن الذي سيهلك هم الطالحون فحسب؟ لا.
روى البخاري ومسلم من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوماً فزعاً، وفي لفظ: قام من نومه يوماً من عندها فزعاً وهو يقول: (لا إله إلا الله! ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه -وحلق النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعيه بالسبابة والإبهام- فقالت زينب: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: نعم.