لقد حدثني الإخوة مراراً وتكراراً عما يحدث عند قبور الصالحين، وأنا أود أن أنبه طلاب العلم إلى أنه لا ينبغي أن ننشغل برجل مقبور في مسجد أهو من الصالحين أم من غير الصالحين؟! لا ينبغي أن يشغلنا هذا؛ إذ إن الرجل بين يدي ربه جل وعلا، وقد أفضى إلى الله، لكن الذي ينبغي أن ننشغل به وأن نكثف الجهود من أجله هو ما يحدث من شرك حول قبر هذا الرجل إن كان من الصالحين أو من الطالحين.
واعلموا يا شباب الصحوة! أن إصدار الأحكام على الناس بالتكفير والتفسيق فقط لن يغير الواقع شيئاً، إن حكمك على الناس بالإيمان لن يدخلهم الجنة إن كانوا من أهل النار، وإن حكمك على الناس بالكفر لن يدخلهم النار إن كانوا من أهل الجنة، فليس هذا من شأنك ولا من شأن جميع العبيد، بل هو من شأن العزيز الحميد جل وعلا، فلا تشغلوا أنفسكم أيها الشباب! بإصدار الأحكام على الناس، ولكن اشغلوا أنفسكم بتعليم الناس حقيقة التوحيد ليتغير هذا الواقع المر.
فلما ذكرني الإخوة بما يقع، قلت: أود أن أرى بعيني، وأن أسمع بأذني؛ لأصل إلى السند من أعلاه، فغطيت وجهي وذهبت إلى مولد السيد البدوي بنفسي، وأدخلني إخوانكم في طنطا حتى وصلت إلى القبر، ووقفت لأرى بعيني ولأسمع بأذني، فسمعت امرأة مسكينة تقول: أنا زعلانة منك يا سيد! لأني آتي لك بالنذر لمدة خمس سنين وأنت لا تريد أن تعطيني ولداً!! فتدبر هذا! ثم يخرج علينا بعض العلماء ويتهموننا إذا تحدثنا عن هذا الشرك الغليظ بأننا ممن يعادي أولياء الله جل وعلا، وهذا ظلم فإننا ممن يقر أن المعجزة للأنبياء، وأن الكرامات الطيبة للأولياء، ولا ننكر هذا أبداً، لكن ينبغي أن نفرق بين شرك غليظ يُرتكب حول قبور هؤلاء وبين تكريمنا لأولياء الله جل وعلا؛ فإنه لا يقبل نبي ولا ولي هذا الشرك بأي حال، قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}[الحج:٦٢].
ولا أريد أن أطيل مع كل مقتضىً من مقتضيات الحب الصادق للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأعرج على بقية المقتضيات كلها إن شاء الله تعالى.
فالمقتضى الأول: هو البراءة من الشرك إن أردت أن تنقب عن حبك للنبي في قلبك فسل نفسك: هل تبرأت من الأنداد والأرباب والآلهة والطواغيت؟! فإن كنت كذلك فقد دخلت في المقتضى الثاني ألا وهو تحقيق التوحيد لله العزيز الحميد.