للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجهاد الطريق الوحيد لتحرير الأقصى]

أيها الأحبة! فلنتق الله ولنعد إليه ولنرجع إلى الدين، ولنتخل عن هذه القنوات المشبوهة وعن هذه القوانين الوضعية الفاجرة الجائرة التي نتحدى بها مولانا، ولنرجع إلى الله، فوالله ثم والله، ثم والله لن يحرر الأقصى جيل تربى على الخلاعة جيل تربى على الميوعة جيل تربى على الأفلام القذرة جيل تربى على المسلسات الداعرة لن يحرر الأقصى إلا جيل أحب الآخرة، كما أحب أصحاب المصطفى الآخرة جيل يحب الموت في سبيل الله كما يحب جيلنا الآن الحياة لن يحرر الأقصى إلا إذا رفع علم الجهاد.

اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع أهل الزيغ والفساد! أيها الأحباب! إن من أبناء الأمة الآن من يتمنى بكل قلبه أن لو رفعت راية الجهاد ليسد فوهة المدافع بصدره وليلقى الله عز وجل شهيداً سعيداً فما أرخصها من حياة حياة الذل والهوان والعار! إن لم تمت بالسيف مت بغيره تعددت الأسباب والموت واحد لا شرف لهذه الأمة إلا بذروة سنام هذا الدين إلا بالجهاد في سبيل الله، ورحم الله ابن المبارك الذي أرسل برسالة من ميدان الجهاد من ميدان الشرف والبطولة إلى أخيه العابد التقي النقي عابد الحرمين الفضيل بن عياض ليبين له فيه شرف الجهاد، فقال له: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب من كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب لا يستوي غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تبايعتم بالعينة -وهذا نوع من أنواع البيوع الربوية المحرمة- ورضيتم بالزرع، وتبعتم أذنان البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم).

إنه الذل! الذل لمن؟! لإخوان القردة والخنايز.

الذل لمن؟! للشيوعيين في الشيشان.

الذل لمن؟! للصليبيين الحاقدين في البوسنة.

الذل لمن؟! لأحقر أمم الأرض لعباد البقر في الهند.

إنه الذل: (سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).

اللهم كما فتحت المسجد الأقصى على يد عمر وحررته على يد صلاح الدين فارزق الأمة بصلاح ليحرر الأقصى من جديد يا رب العالمين! أنت ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واستر عيبنا، وفك أسرنا، وتول خلاصنا برحمتك يا أرحم الراحمين! يقول الله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ} [الإسراء:١] أي: لنري الحبيب المصطفى (مِنْ آيَاتِنَا) من آيات الله (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

ما وجه الاعتراض من المشركين؟ قالوا: كيف تقطع هذه المسافة في جزء من الليل؟! أقول أيها الأحبة: إن معتقد أهل السنة والجماعة: أن الإسراء كان بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه يقظة لا مناماً.

لماذا ينكر المشركون ذلك، وينكره من يعبد العقل الآن؟! ينكرون ذلك لعنصر الزمن، إذ كيف يقطع هذه المسافة التي يقطعها الناس في شهور في لحظات؟!! وأنا أقول: سبحان: تنزيه لأفعاله وأسمائه وصفاته جل وعلا.

أي: إذا كان الفعل من الله فنزهوا فعل الله عن فعلكم، ونزهوا صفات الله عن صفاتكم، ونزهوا قول الله عن قولكم.

(الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ): والعبد لغة: تطلق على الإنسان بروحه وبدنه، ولا يطلق لفظ العبد على الروح دون البدن (الذي أسرى بعبده ليلاً) والسري: هو السير ليلاً، وبعضهم قال: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء:٦٠] فلقد كانت رؤيا منام؟! نقول: لو كانت رؤيا في المنام ما ضج المشركون، وما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم، فلو أني قلت لك الآن: لقد رأيت بالأمس في نومي أني ذهبت إلى مكة، وطفت بالبيت سبعاً، ومشيت بين الصفة والمروة سبعاً، وحلقت، ثم انطلقت إلى المدينة وعدت بعد ذلك، هل ستنكر علي؟ لن تنكر علي؛ لأنني أقول لك: رأيت في الرؤيا رأيت فيما يرى النائم، فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: إنها رؤيا نوم ما أنكر المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

أخي! خذ معي هذا الدليل الذي يحلو لبعض من يريد أن يقدم العقل في كل شيء أن يستمع إليه، أنا بداية لا أقلل من قدر العقل ولا من شأن العقل ولا أريد أن أمتهن العقل، إنما أقول: إن نور الوحي يزكي ويبارك نور العقل، بشرط أن يذعن العقل لله رب العالمين.

أقول: لو أنني حملت طفلي الرضيع وصعدت به إلى قمة جبل من الجبال، ثم قلت لكم: لقد صعدت بولدي إلى قمة هذا الجبل، هل سيسأل عاقل طفلي الرضيع ويقول: كيف صعدت أيها الطفل هذا الجبل؟! إن الذي أسرى به هو الله، فلا تسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن إسرائه، وإنما إن شئتم فاسألوا الذي أسرى به جل وعلا، والقاعدة تقول: إن الزمن يتناسب تناسباً عكسياً مع القوة أو القدرة، بمعنى: لو ركبت سيارة إلى القاهرة فستقطع بك المسافة في زمن معين، ولو ركبت طائرة ستقطع بك المسافة في زمن أقل، فلو ركبت صاروخاً سيقطع بك المسافة في زمن أقل، فإن ركبت مركبة فضاء ستقطع بك المسافة في زمن أقل، وهكذا يقل الزمن مع قوة القدرة التي تحملك إلى هذا السفر، وإذا علمت ذلك فاعلم أن القوة التي حملت المصطفى هي قوة الله.

إذاً: لا عجب، فإن الذي أسرى بعبده هو الله، والأمر بين ولله الحمد، ونحن الآن رأينا الصاروخ ورأينا الطائرة وإن كان العربي الأول في أرض الجزيرة لم ير هذا.

رأينا الطائرة ورأينا الصاروخ ورأينا مركبة الفضاء، وعلمنا سرعة الضوء الذي هو برق، وعلمنا أن البراق من البرق إلى آخره.

اتضحت الآن لنا الصورة أكثر بكثير مما كان عليه الحال عند العربي الأول في أرض الجزيرة العربية، والآن رأينا المصعد الكهربي، بل ورأينا السلم الكهربي، وإذا ذهب أحدكم إلى حج بيت الله فسيرى هذا السلم الكهربي، وبعضكم رآه في المطارات، وهناك الآن مصاعد كهربائية تصعد إلى ما يزيد عن مائة دور في أقل من دقيقتين.

فثلاً مركز التجارة العالمي في أمريكا يزيد على مائة دور، وللدور الأخير فقط مصعد مختص به، إذا ما ركب أحدكم هذا المصعد الكهربائي لا يرى إلا أن تثبت الشاشة: الدور الأول، وإذا ما أغمض عينه وفتحها فيرى الشاشة تعطيه الإشارة أنه قد وصل إلى الدور الذي يزيد عن مائة! إذا كان هذا من صنع الإنسان الذي خلقه الله فكيف بالخالق الذي يقول للشيء (كن) فيكون: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن:٣٣].

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.