للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الارتباط بين العلماء والشباب]

إنني أدين الله جل وعلا بأن أكبر جرم يرتكب في حق الشباب أن يحال بين الشيوخ والعلماء وبين الشباب، وشبابنا بطبعه يحب التدين، شباب الأمة بطبعه يحب التدين، بل لو انحرف يمنة أو يسرة إذا ذكر بالله بحكمة ورحمة وأدب وتواضع سرعان ما يعود باكياً إلى الله يردد مع السابقين الأولين قولتهم الخالدة: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:٢٨٥].

أقول: إن لم يتعلم شبابنا في المساجد بتلك الطريقة بين الأنوار في وضح النهار وفي الضوء الساطع والواضح، إن لم يتعلم شبابنا في المساجد وهذا النور سيتعلم شبابنا في الظلام، وإن لم يتعلم شبابنا على سطح الأرض في بيوت الله سيتعلم شبابنا تحت الأرض في السراديب، وسيأتي علمهم مظلماً بظلام البيئة التي سيحرصون على التعلم فيها؛ لأنه حيل بينهم وبين الجلوس بين أيدي العلماء، وسيأتي علمهم منحرفاً انحراف السراديب التي سيتلقون فيها العلم بعيداً عن هذا الحق وهذا الوضوح، لا ينبغي أبداً أن نخشى من المساجد، ولا يجوز ألبتة أن نخاف من العلماء، فالعلماء صمام الأمان لهذه الأمة.

ويجب على شبابنا أن يجلس بين العلماء الربانيين ليسمع منهم عن الله وعن رسول الله، وحذار ثم حذار أن يسمع شاب من شبابنا فتوى لعالم من علمائنا الربانيين فلا تصادف الفتوى هوى في قلب هذا الشباب من منطلق حماسه وإخلاصه لدين الله، فينطلق ليحكم على هذا العالم الرباني بأنه صار من علماء السلطان أو صار يبحث عن منصب وزاري أو منصب دنيوي، كلا كلا، فالأمر دين.

فيجب على شبابنا الآن أن يراجع الربانيين من العلماء، ويجب على المشايخ والعلماء ألا يحتقروا الشباب، وألا يزدروا الشباب، وألا يظهر هنا أو هناك على فضائية أو أخرى من ينسب إلى العلم ليتكلم عن شباب الأمة الذي يود أن لو ضحى بدمه لنصرة دين الله تبارك وتعالى ليعلم سفلة الأرض أن محمداً ما مات وما خلف بناتاً، بل خلف أطهاراً يودون أن لو ضحوا بأنفسهم لنصرة دين الله.

لا ينبغي أن يظهر رجل من أهل العلم على فضائية هنا أو فضائية هناك ليقول: (هؤلاء العيال!) إلى آخر هذه الألفاظ التي لا تليق بشباب يود -ورب الكعبة- أن لو بذل نفسه لدين الله تبارك وتعالى.

الأمة لا غنى لها أبداً عن شيوخها وعلمائها ورجالها وشبابها، وآن الأوان في وقت تذل فيه الأمة وتهان، آن الأوان أن تلتحم الأمة وأن يلتحم الشباب مع العلماء، وأن يلتحم العلماء مع الشباب ليعلم العلماء الشباب من قرآن ربهم وسنة نبيهم بفهم سلف الأمة الصالح رضوان الله عليهم.

هذا ورب الكعبة هو طريق النجاة، وهو المخرج مما يسمونه بالتطرف والإرهاب، لا مخرج إلا أن يجلس العلماء مع الشباب، وإلا أن يحترم العلماء والشيوخ الشباب، وأن يحترم في الوقت ذاته الشباب العلماء، وأن يجلس الشباب بين أيدي العلماء ليتعلموا منهم قول الله وقول رسول الله بفهم سلف الأمة عليهم جميعاً رضوان الله.