إن رب رمضان هو رب شوال، وهو رب الشهور كلها، فينبغي أن نطيعه في كل لحظة وفي كل أوان وفي كل زمان، لأن من أعظم القربات والطاعات إلى الله جل وعلا: المداومة على الأعمال والطاعات وإن قلَّت، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل).
فيا من جعلت لنفسك ورداً يومياً وليلياً مع كتاب الله! ويا من جعلت لنفسك ساعة يومية مع الاستغفار والذكر والصلاة والسلام على رسول الله! ويا من جعلت لنفسك تسابقاً في أوجه البر والخير والطاعات في رمضان! ويا من حرصت كل الحرص على أن تؤدي الصلاة في بيوت الرحيم الرحمن؛ اعلم أن من أحب القربات إلى الله أن تداوم على هذه الطاعات وأن تستمر على هذه الأعمال، فإن أحب الأعمال إلى الله جل وعلا أدومها وإن قل، ومن ثم لما جاء الصحابي الجليل سفيان بن عبد الله رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً جامعاً في أمر دينه، فقدم له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه الوصية الغالية التي ينبغي أن نضعها اليوم في قلوبنا، وأن نغمض عليها أجفاننا، وأن نحولها إلى واقع عملي متحرك مضبوط.
قال له سفيان:(يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؟)، فلخص له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر السعادة في الدنيا والآخرة في كلمتين اثنتين، فأعيروني القلوب والأسماع، فهي وصية رسول الله لنا لنسعد في الدنيا والآخرة:(يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ فقال له المصطفى صلى الله عليه وسلم: قل آمنت بالله ثم استقم)، وهذا لفظ مسلم، ولفظ الترمذي بسند حسن صحيح:(قال سفيان: يا رسول الله! حدثني بأمر أعتصم به، فقال صلى الله عليه وسلم: قل ربي الله ثم استقم، قال سفيان: فما أخوف ما تخاف علي يا رسول الله؟ قال: فأخذ رسول الله بلسان نفسه ثم قال صلى الله عليه وسلم: أخوف ما أخاف عليك هذا).