المثال الأول: ما ذكره ابن سعد في (الطبقات) وابن إسحاق في (السيرة) وابن عبد البر في (الاستيعاب) والإمام مالك وابن حجر في (الإصابة) وغير هؤلاء: أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: (انطلق يا زيد! إلى سعد بن الربيع -وهو الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه- فانظر أهو في الأحياء أم في الأموات؟ وأقرئه مني السلام، قال زيد بن ثابت: فانطلقت فوجدت سعدا في آخر رمق من الحياة، فاقتربت منه وقلت له: يا سعد! لقد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ وأن أقرئك منه السلام، فنظر سعد وقال: بل أنا في الأموات يا زيد! وأبلغ رسول الله مني السلام، وقل له: يقول لك: سعد بن الربيع: جزاك الله عنا خير ما جزى الله نبياً عن أمته ورسولاً عن رسالته، ثم قال سعد: يا زيد! وأبلغ القوم مني السلام، وقل لهم: يقول لكم سعد بن الربيع: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله مكروه وفيكم عين تطرف).
أي رجال هؤلاء؟! وأي عظمة هذه؟! يموت سعد وهو يقول: (بلغ رسول الله مني السلامة، وقل له: جزاك الله عنا خير ما جزى الله نبياً عن أمته ورسولاً عن رسالته، وبلغ القوم مني السلام يا زيد! وقل لهم: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله مكروه وفيكم عين تطرف!