[الخسار والبوار لأموال الكفار الصادة عن سبيل الله]
إليكم البشارة الثانية في سورة الأنفال، وهذه البشارة بالذات لها وقع عجيب على قلوب أهل الإيمان، ولها وقع لذيذ على قلوب أهل الثقة بالله جل وعلا، واستمعوا إلى هذه البشارة الطيبة أيها المسلمون، وأبشروا بها في كل مكان على ظهر هذه الأرض، يقول الله جل علا:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:٣٦].
يا لها من بشارة! {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ}[الأنفال:٣٦] لماذا؟ {لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنفال:٣٦] فدعهم ينفقون الأموال والمليارات والدولارات: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}[الأنفال:٣٦].
يا لها من بشارة عظيمة! {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الأنفال:٣٦] إن أعداء هذا الدين لا يتورعون في الليل والنهار على أن يبذلوا كل ما يملكون من محاولات لتنحية هذا الإسلام، فهم على يقين مطلق -يا عباد الله- أن هذا الإسلام هو المارد العملاق، الذي إن هب من مرقده أباد مدنية الشرق الملحدة، وحضارة الغرب الكافرة، هم يقولون ذلك في كتبهم، ويسجلون ذلك، هم الذين قالوا: لا يمكن أبداً أن ننتصر على هذا الإسلام بقوة عدد، أو بقوة عتاد، لا يمكن على الإطلاق أن ننتصر بعد اليوم على المسلمين بقوة السلاح، وبقوة العتاد؛ لأن الاستعمار بالسلاح، والاستعمار بالأبدان والجنود يثير الحماس في قلوب المسلمين، ويثير الحمية في قلوبهم فيثورون على المستعمر، لذا فاطمئنوا جيداً أنه لا يمكن على الإطلاق أن تكون في واقعنا المعاصر صورة من صور الاستعمار المادي، أن تأتي قوة أو دولة وتستعمر دولة أخرى، هذا لا يمكن على الإطلاق، ولكن هناك صور أخرى من الاستعمار أقسى وأمر كأس خمر وغانية يفعلان في تحطيم الأمة المسلمة ما لا يمكن أن يفعله ألف مدفع، وقد فعلوا ذلك تماماً وأكملوا المؤامرة والمخطط، هذا هو تدبيرهم لا يتورعون أبداً من إنفاق ما يملكون من الأموال للصد عن سبيل الله، ولتنحية هذا الإسلام العظيم.
انتبهوا معي أيها المسلمون فكم أُنفق من أموال على تنصير المسلمين، وكم أُنفق من أموال على تدعيم الاقتصاد الربوي اليهودي الكافر، حتى لا تقوم للاقتصاد الإسلامي قائمة، كم أنفق من أموال على أندية الوتاري في جميع أنحاء العالم الإسلامي وغيره، كم أنفق من أموال على أندية الماسونية في جميع أنحاء العالم، كم أنفق من أموال على حرب دامت سنوات طويلة للقضاء على الموحدين الأفغان وعلى المسلمين الأفغان، كم أنفق من أموال لإشاعة الرذيلة وتحطيم الأخلاق بين صفوف المسلمين عن طريق الأفلام الداعرة، والمسلسلات الفاجرة، كم أنفق من أموال؟! ولكن ما الذي حدث؟ إن هذه الأموال التي أُنفقت بالمقارنة إلى ما وصلوا إليه من نتائج أمر يزلزل قلوب أهل الكفر ويشرح صدور أهل الإيمان، لقول الله جل وعلا:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}[الأنفال:٣٦] وتتم حسرتهم الكبرى يوم يحشرون إلى جهنم {وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:٣٦] يالها والله من بشارة: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}[الأنفال:٣٦] لا بد من غلبة الحق، ولا بد من أن يظهره الله جل وعلا، {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}[التوبة:٣٣].
قالها أحدهم: إن الإسلام سيكون دين أوروبا في القريب أو البعيد، وسوف نرى في خطبة اليوم أن هناك صرخات مدوية، وصرخات وصرخات مرعبة، لا أقول من أبناء المسلمين، وإنما أقول من أبناء الشرق والغرب، هذه الصرخات تنذر بسوء مصير البشرية.
إن أمام هذه الحضارة المادية التي ما تركت شيئاً إلا واخترعته لإبادة هذا الإنسان صرخات تنذر بسوء مصير البشر على ظهر المعمورة، وها نحن نسمع في كل يوم، ما نشرة إلا ونسمع، وما من جريدة إلا ونقرأ مصير مرعب للبشر في كل أنحاء الأرض لما اخترعته هذه الحضارة المادية المرعبة، ومن قرأ كتب هؤلاء العلماء أو المفكرين والأدباء من الشرق والغرب فزع والله، صرخات مرعبة {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:٣٦].