ثم فتر الوحي لفترة قليلة -على الراجح- ثم نزل قول الله عز وجل على الحبيب المصطفى:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:١]، أي: يا أيها المتلف في هذه الأغطية: {قُمْ فَأَنذِر * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}[المدثر:٢ - ٧] قم يا محمد! دع عنك هذه الأغطية، فما كان بالأمس حلماً جميلاً أصبح اليوم حملاً ثقيلاً.
{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}[المزمل:١ - ٥]، فقام الحبيب ولم يقعد عشرين سنةلم يعرف طعم الراحة ولم يذق طعم النوم لم يهدأ، وإنما انطلق على قدميه حاملاً نور الله عز وجل إلى هذه البشرية؛ ليخرجها من ظلمات الشرك وأوحال الوثنية، إلى أنوار التوحيد والإيمان برب البرية جل وعلا.