[الحرب على النبي عليه الصلاة والسلام في العصر الحديث]
لم تتوقف الحرب على النبي عليه الصلاة والسلام عند هذا الحد، والحرب التي أعلنها المستشرقون في العصر الحديث لا تحتاج إلى وقفة؛ لأنها ما هي إلا نتاج عقول حقيرة أنهكها التحلل الأخلاقي، وأعجزها أن تستوعب الحقائق الكبيرة، فيغني تصورها عن إبطالها وإفسادها.
لكن أفراخ المستشرقين من العلمانيين في بلاد المسلمين يعلنون الحرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يثبت فساد عقيدتهم وخبث طويتهم، وإن زعموا أنهم يناقشون الأدلة نقاشاً علمياً بعيداً عن التجمد والانغلاق، فأين النقاش العلمي من قول خبيث من هؤلاء الخبثاء: ولما استتب الأمر لمحمد؟ هكذا بوقاحة وسوء أدب! ما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب مرة، كيف وهو يعلن الحرب عليه، وهذا القزم الخبيث الحقير لازال حياً يرزق، بل تنشر مقالاته في الجرائد، بل تنشر قصصه كاملة على صفحات جريدة سوداء تعزف على وتر الجنس والدعارة، قال: وأخذت شوكته تقوى وهو في طريقه لكي يصبح سيد جزيرة العرب كلها: تلا على أصحابه قرآناً ينص على: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:٢٨]! فهل فهمت المراد -أيها الحبيب- ووقفت على خبث الكلام؟! هذا الخبيث يريد أن يقول: إن محمداً ما قرأ على أصحابه قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)، إلا لما قويت شوكته وأصبح لا يخاف المشركين، وكأن محمداً يأتي بالقرآن من عند نفسه بالمعنى الذي يريد في الوقت الذي يريد.
تدبر الكلمات الخبيثة مرة ثانية، يقول: ولما استتب الأمر لمحمد، وأخذت شوكته تقوى وهو في طريقه لكي يصبح سيد جزيرة العرب كلها، تلا على أصحابه قرآناً ينص على: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:٢٨]).
ويقول هذا الخبيث أيضاً: وهكذا قد استبان أن بتر الصلة -يعني: قطع العلاقة- اليثربية -يقصد يثرب- بين الأنصار وبين اليهود هو شطر من خطة القطيعة التي رسمها محمد ونفذها بإحكام بالغ في سبيل صبغ أصحابه بصبغة الديانة التي شربها.
هل وقفت على خبث هذا الخبيث وخطر كلماته؟! هؤلاء لا يعرفون ولاء ولا براءً، لا يعرفون ولاءً لله ورسوله والمؤمنين، ولا براء من الشرك والمشركين، ولذلك هم لا زالوا إلى يومنا هذا يعكفون على هذه الفجوة توسيعاً وتمييعاً وتخليطاً، حتى لا يعرف المسلم من يوالي ومن يعادي، ومن يحب ومن يبغض.
يقول هذا الخبيث: وهكذا قد استبان أن بتر الصلة اليثربية بين الأنصار واليهود هو شطر من خطة القطيعة التي رسمها محمد ونفذها بإحكام بالغ في سبيل صبغ أصحابه بصبغة الديانة التي شربها).
حرب قذرة تعتدي على شخص النبي وعلى سنة النبي وعلى دين النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد شهدت مصر -بلد الأزهر- في الأيام مؤتمراً للمرأة، هذا المؤتمر بكل صفاقة ووقاحة وقلة حياء أعلنت فيه الحرب على الثوابت، فأعلنت فيه المطالبة بإلغاء القوامة، فلا قوامة للرجل على المرأة، والمطالبة بإلغاء العدة، والمطالبة بمساواة المرأة بالرجل في الميراث.
ثم تقول خبيثة تنتسب إلى الإسلام: إن الرجال يركعون أمام ركبتي مادلين أولبرايت الجميلتين.
وتقول خبيثة أخرى -في كلمات والله أستحي أن أذكرها-: إن الرجال يفعلون كذا -فعلة خبيثة معروفة بين الشباب إلا من رحم ربك- على صور مارلين مونرو.
هذا مؤتمر لنساء ينتسبن إلى الإسلام، ويقلن مثل هذا الكلام الخطير الخبيث الذي يستحي الرجل العادي فضلاً عن المؤمن التقي أن يذكره ورب الكعبة، فكيف لو ذكرتها امرأة داست على أنوثتها؟ لا أقول: داست على دينها فهؤلاء قد دسن على الدين منذ زمن، لكن أقول: داست على أنوثتها، وداست على قيم مجتمعها، وداست على أخلاق مجتمعها، يردن لهذا المجتمع ألا تبقى فيه بقية باقية من خلق للإسلام، ومن دين للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، إنما يردن أن يذبن ذوباناً كلياً في بوتقة الشرق الملحد والغرب الكافر، وقد حذر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى من هذا الذوبان الخبيث الخطير، كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم).