للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المعارك التي يخوضها المهدي قبل نزول عيسى ابن مريم]

ما هي هذه الملاحم؟ وما هي هذه المعارك؟! قال الصادق كما في صحيح مسلم من حديث نافع بن عتبة: (تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله -وأرجو أن تتدبروا في كلمات النبي صلى الله عليه وسلم- ثم تغزون فارس - إيران - فيفتحها الله، ثم تغزون الروم -الأمريكيين والأوروبيين- فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله).

المعركة الأولى التي يخوضها المهدي وكتائب التوحيد معه معركة في قلب الجزيرة العربية، خرج الجيش الأول للقضاء عليه من المسلمين فخسف الله به الأرض، الجيش الثاني الذي يخرج لقتال المهدي مع علمه بأن الرب العلي قد خسف بالجيش الأول جيشٌ مسلمٌ كذلك من جزيرة العرب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فيفتحها الله) أي: يَهزِمُ المهدي وكتائب التوحيد معه هذا الجيش وتفتح الجزيرة العربية أبوابها كلها للمهدي وللموحدين معه بإذن الله تبارك وتعالى.

فيخرج إلى المهدي جيشٌ آخر من إيران من فارس، حينما يعلم الإيرانيون أن الذي خرج ليس المهدي الذي ينتظرونه في سرداب سامراء، فيخرجون إليه جيشاً جراراً، فيهزم المهدي هذا الجيش بإذن الرب العلي جل وعلا، ثم تغزون فارس فيفتحها الله.

ثم تغزون الروم، وقف معي وتدبر هذه المعركة الفاصلة الحاسمة، فهي أخطر المعارك على وجه الأرض، وقد بيَّن الصادق صلى الله عليه وسلم أرض المعركة، وذكر تفاصيل المعركة، بل وحدد نتيجة المعركة، فماذا قال الصادق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؟ قال: (ثم تغزون الروم فيفتحها الله) وخذ التفاصيل: روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بـ الأعماق أو بـ دابق) أين الأعماق؟ وأين دابق؟ هما موضعان بالقرب من حلب في دولة سوريا، سينزل الأمريكيون والأوروبيون في السنوات القليلة المقبلة هذه الأرض وهذه المنطقة كما أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.

وقد عدت إلى بعض المعاجم القديمة لأقف على تأويل أهل المعاجم القديمة للأعماق ودابق فوجدت أنهم يقولون: الأعماق ودابق موطنٌ بين حلب في سوريا وأنطاكية في تركيا، قلت: سبحان الله العظيم! انظروا إلى القواعد العسكرية الأمريكية في تركيا وفي جل أنحاء العالم الإسلامي، بل والعالم الأوروبي لا سيما بعد أحداث أفغانستان، فقد وضعت أمريكا قواعدها العسكرية كذلك في قلب أوروبا.

قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بـ الأعماق أو بـ دابق) أي: منطقة في حلب في سوريا، ولعلكم تعلمون يقيناً أن أمريكا قد وضعت سوريا ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، بل وكان وزير الخارجية السوري هو الوحيد في اجتماع وزراء الخارجية الذي صرح بمقاطعةٍ كاملة مع الكيان الصهيوني، لكنهم رفضوا؛ فـ سوريا الآن موضوعة على قائمة الإرهاب الأمريكية.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فيخرج إليهم جيشٌ من المدينة هم من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا تصافُّوا -أي: للقتال- قالت الروم للمسلمين: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم) من هؤلاء؟ هؤلاء من الروم أصلاً لكنهم يوحدون الله جل وعلا ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فيسلمون ويتركون جيش الروم من الأمريكيين والأوربيين ويقاتلون الروم مع المسلمين.

فهل تتابعون ما يشغل الآن الرأي العام الأمريكي كله منذ أسبوعٍ أو لا؟ هل تعلمون أن الرأي العام الأمريكي كله منشغلٌ الآن بقضية شابٍ يقال له: جون ولكر؟ هل تعرفون شيئاً عن جون ولكر؟ جون ولكر شابٌ أمريكي أسر منذ أسبوع في أفغانستان؛ لأنه أسلم وكان يقاتل في صفوف طالبان ضد الأمريكان، والرأي العام الأمريكي كله كان يتحدث في هذه القضية، وبالأمس في الـ ( mbc) نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يقول: أنا لا أتصور أن شاباً أمريكياً تربى وترعرع في هذه الأرض ثم يكون مصيره أن يسلم وأن يحارب الأمريكان مع طالبان.

فتدبر كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه بشريات على الطريق، قال: (فإذا تصافُّوا -أي وقف الجيش الرومي: الأمريكيون الأوربيون والمسلمون للقتال- قالت الروم للمسلمين: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم) أي: اتركوا هؤلاء الذين أسلموا وتركوا ديارنا وعقيدتنا وديننا، نقاتلهم: أي: نبدأ بقتالهم، (فيقول المسلمون: لا.

والله! لا نخلي بينكم وبين إخواننا) هذا كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فيقاتلونهم فينهزم ثلث الجيش لا يتوب الله عليهم أبداً) ينهزم ثلث الجيش المسلم لا يتوب الله عليهم أبداً، لماذا؟ لأنهم خونة، فروا من أرض المعركة، وخانوا الله ورسوله والمؤمنين.

أما الثلث الثاني قال: (ويقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله).

أما الثلث المتبقي في الجيش المسلم فقال صلى الله عليه وسلم عنه: (ويبقى ثلثٌ فيفتح الله له) أي: فينصر الله هذا الثلث على الروم الأمريكيين والأوربيين (فيبقى ثلثٌ فيفتح الله له) قال الصادق: (لا يفتنون أبداً).

بل في رواية مسلم من حديث عبد الله بن مسعود في غير رواية أبي هريرة قال: (هاجت ريحٌ حمراء بـ الكوفة، فجاء رجلٌ ليس له هيجرى إلا: يا عبد الله بن مسعود! يا عبد الله بن مسعود! جاءت الساعة، فقعد ابن مسعود وكان متكئاً فقال: لا، -انظروا إلى العلم والعلماء- لا تقوم الساعة حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، ثم أشار بيده نحو الشام، ثم قال: عدوٌ يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام -تدبر- قال: وعند ذاكم القتال تكون ردةٌ شديدة) هذا هو الثلث الأول الذي ارتد وانهزم وخان، ثم قال: (فيشترط المسلمون شرطةً للموت لا ترجع إلا غالبة) أي: يقدم المسلمون مجموعةً من الكتائب وتشترط هذه الكتائب ألا ترجع إلا وهي غالبة، قال: (فيقتتلون -أي: يقتتل المسلمون مع الروم- حتى يحجز بينهم الليل، فتفيء كل فئةٍ غير غالبة، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون -أي: في اليوم التالي- شرطةٌ للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فترجع فتفيء كل فئةٍ غير غالبة وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون في اليوم الثالث شرطةٌ للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فتفيء كل منهم غير غالبة، وتفنى الشرطة، قال صلى الله عليه وسلم: فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام -أي: نهض إليهم بقية أهل الإسلام- قال: فيجعل الله الدائرة عليهم -أي: على الروم- فيقتتلون مقتلةً عظيمة لم يُر مثلها، حتى إن الطائر لا يمر بجنباتهم فما يخلفهم إلا وقد خر ميتاً، قال: فيتعاد أبناء الأب الواحد قد بلغوا المائة, فلا يجدون قد بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح؟ وأي ميراثٍ يقسم؟ قال: فبينما هم كذلك إذ قد وقع بهم بأسٌ هو أكبر من ذلك، فإذ بهم يأتيهم الصريخ -أي من يصرخ فيهم- ليخبرهم أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم -أي في أولادهم- قال: فيرفضون ما بين أيديهم -أي: من الأموال والغنائم- ويبعثون عشرة فوارس طليعة -أي ليعلموا الأمر وليطلعوا عليه- قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: والله! إني لأعلم أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ).

وهكذا ينصر الله عبده المهدي والموحدين معه على كتائب الروم، على الأمريكيين والأوربيين رغم أنف العلمانيين والماديين الذين لا ينظرون ولا يؤمنون إلا بكل ما هو ماديٍ محسوس، هذه الفئة المباركة، هؤلاء الأولياء الأصفياء الأتقياء هم الذين يفتح الله لهم مدينة القسطنطينية بغير قتال، بل وبغير سلاح كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (سمعتم بمدينة جانبٌ منها في البر وجانبٌ منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق فإذا جاءوها لم يقاتلوا بسلاحٍ ولم يرموا بسهم، وإنما قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط جانبها الذي في البحر، فإذا جاءوها الثانية قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر, فيسقط جانبها الذي في البر، فإذا جاءوها الثالثة قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيفرج لهم فيدخلوها).

قال الحافظ ابن كثير: وبني إسحاق في الحديث هم سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم، وهم من الروم سيسلمون في آخر الزمان وسيجعل الله فتح القسطنطينية على يد طائفةٍ منهم ممن وحدوا الله وآمنوا بالصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم.