[داء الانفصام النكد بين المنهج المنير والواقع المرير]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الأخيار، وأيتها الأخوات الفاضلات، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذا البيت المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك ومولاه.
أحبتي في الله! حقوق يجب أن تعرف، سلسلة منهجية تحدد الدواء من القرآن والسنة لهذا الداء العضال الكبير الذي استشرى في جسد الأمة، ألا وهو داء الانفصام النكد بين المنهج المنير والواقع المؤلم المرير، فأنا لا أعرف زماناً قد انحرفت فيه الأمة عن منهج ربها ونبيها صلى الله عليه وسلم، وضيعت فيه حقوق الإسلام كهذا الزمان، فأردت أن أذكر نفسي وأمتي من جديد بهذه الحقوق الكبيرة التي ضاعت، عسى أن تسمع الأمة مرة أخرى عن الله ورسوله، وأن تردد مع السابقين الصادقين الأولين قولتهم الخالدة:{سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة:٢٨٥].
ونحن اليوم بحول الله وطوله على موعد مع اللقاء المتمم للثلاثين من لقاءات هذه السلسلة الكبيرة، والحقوق الجليلة، ونحن اليوم على موعد مع حق جليل جليل جليل، كبير كبير عظيم عظيم، ولم لا؟! وهو حق القرآن الكريم.
وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا، فسوف أركز الحديث مع حضراتكم تركيزاً شديداً في هذا الموضوع الجليل في المحاور التالية: أولاً: مصدرية القرآن دليل على إعجازه.
ثانياً: كيف جمع القرآن ووصل إلينا؟ ثالثاً: حق القرآن.
فأعيروني القلوب والأسماع بل والكيان كله، فإن الموضوع من الجلال والأهمية والخطورة بمكان، والله أسأل أن يرد الأمة رداً جميلاً إلى القرآن والسنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.