[مشاهد من اليوم الآخر]
ورد في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر -أي: العبد- أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة) ستعرض على الله جل وعلا، فهل فكرت في هذا الموعد؟! هل أعددت لهذا اللقاء؟! أيها الحبيب! كيف يكون حالك إذا عُدت الليلة إلى دارك فرأيت خطاباً من قاضٍ من قضاة الدنيا يأمرك فيه بالمثول بين يديه في الصباح الباكر، أتحداك أن تنام الليل، مع أنك ستقف أمام عبد فقير حقير.
لقي الفضيل بن عياض رجلاً، فقال له الفضيل: كم عمرك؟ قال: ستون سنة.
قال الفضيل: إذاً أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله توشك أن تصل.
فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون! فقال الفضيل: هل عرفت معناها؟ قال: نعم، عرفت أني لله عبد وأني إليه راجع.
فقال الفضيل: يا أخي! إن من عرف أنه لله عبد وأنه إليه راجع عرف أنه موقوف بين يديه، ومن عرف أنه موقوف عرف أنه مسئول، ومن عرف أنه مسئول فليعد للسؤال جواباً.
فبكى الرجل وقال: يا فضيل! وما الحيلة؟ قال الفضيل: يسيرة.
قال: ما هي يرحمك الله؟ قال: اتق الله فيما بقي من عمرك، يغفر لك الله ما قد مضى وما قد بقي من عمرك.
تذكر وقوفك يوم الحشر عريانا مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا
والنار تلهب من غيض ومن حنق على العصاة ورب العرش غضبانا
اقرأ كتابك يا عبدي على مهل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا
لما قرأت ولم تنكر قراءته أقررت إقرار من عرف الأشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبد عصى للنار عطشانا
المشركون غداً في النار يلتهبوا والمخلصون بدار الخلد سكانا
يقول جل وعلا: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الزمر:٦٨] جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! ما الصور؟ فقال المصطفى: قرنٌ ينفخ فيه) والقرن هو البوق، والنافخ هو إسرافيل باتفاق الأمة، يأمر الله إسرافيل أن ينفخ في الصور.
ولقد اختلف أهل العلم، فمنهم من قال: إن إسرافيل ينفخ في الصور نفختين، ومنهم من قال: إن إسرافيل ينفخ في الصور ثلاث مرات، ووقف بعضهم وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه عند آيات القرآن.