الركن الثالث:(وأن يشكر فلا يكفر)، وكم من نعم لله جل وعلا علينا وهي بحاجة إلى شكر، ولابد أن نفرق بين معنى الشكر والحمد، فإن معنى الشكر أعم من معنى الحمد: فإن الحمد يقترن باللسان والقلب، ولكن الشكر لابد له من أركان، لابد له من شكر القلب، وشكر اللسان، وشكر الجوارح والأركان، كما قال صاحب فتح المجيد رحمه الله: إن الشكر أعم من الحمد قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا}[سبأ:١٣].
ولقد وعد الله بالزيادة على الشكر:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم:٧].
والشكر -كما قال الإمام ابن القيم - هو: الحافظ وهو الجالب: هو الحافظ للنعم، وهو الجالب للنعم، أو لفضل الله جل وعلا:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم:٧]، والشكر لابد أن يكون بالقلب واللسان والأركان، فإن منّ الله عليك بنعمة المال وأردت أن تشكر الكبير المتعال، فشكرك لا يكون بالثناء فقط، وإنما يكون بالثناء على الله والإنفاق في سبيل الله.
وإن منّ الله عليك بنعمة الصحة، فلا ينبغي أن تقتصر على أن تحمد الله فقط، بل ينبغي أن تستغل هذه النعمة في طاعة الله جل وعلا، لذا فإن الشكر يدور على ثلاثة أركان: الركن الأول: هو الاعتراف بنعمة الله جل وعلا.
والركن الثاني: هو الثناء على الله جل وعلا.
والركن الثالث: هو أن تستغل نعم الله في طاعة الله عز وجل.
فلا تستغل نعم الله في معصية الله؛ لأن الذي من عليك بالنعم قادر على أن يسلب منك هذه النعم، ولا شك أن أفضل نعمة أمتن الله بها علينا هي نعمة التوحيد.
ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا نعمة، لو ظللنا الليل والنهار نشكر الكبير المتعال عليها ما وفيناه حقها أبداً، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال:(كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، أما أنت فلقد أمتن الله عليك بالتوحيد، من غير إرادة منك، ومن غير حول منك ولا قوة، وذلك فضل الله جل وعلا يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.